علي حسين
على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وجهت الدكتورة لاهاي عبد الحسين رسالة إلى وزارة التعليم العالي تسأل فيها: أيهما أنفع للجامعة لجان تسعى لتطوير المناهج ومعالجة مشاكل التعليم، أم لجان تجتر الماضي وتشيع مبدأ الثأر الذي يريد له البعض أن يكون هو النظام السائد؟.
الأستاذة الجامعية التي قضت سنوات في الجامعة تَدرس على يد أساتذة كبار، وتُدرس طلبة مجتهدين، تجد أن الجامعة يجب أن تكون بيتاً للجميع، وحاضنة للسلام والتسامح والمحبة وحقوق الإنسان .
أستاذة علم الاجتماع، وصاحبة المؤلفات القيمة، تريد من الدولة أن تستخدم، ولو لمرة واحدة، المكبّر للنظر جيداً إلى عقول العراقيين، وتشاهد الوجوه التي أهانها الفقر والعوز بسبب استحواذ "حيتان" الدولة على ثروات البلد .
منذ عام 2003 ونحن نعيش مع تعبير أثار جدلاً واسعاً اسمه الاجتثاث، وكان الغرض منه اجتثاث من تلطّخت أيديهم بدماء العراقيين، إلا أن قادة الأحزاب بفروعها وقوميّاتها أصرّوا على اعتبار معظم العراقيين من "العهد المباد" ويجب إبادتهم.
17 عاماً وما زلنا نبحث عن حكومة محاصصة، ما زال تأثير الطائفية والمحسوبية والانتهازية أقوى من الديمقراطية والحرية، ما زلنا ننتظر وزراء يخرجون "حصراً" من معاطف الأحزاب، ولا يهمّ أن تتوقف مصالح البلاد والعباد .
ربما يقول قارئ عزيز، يارجل، هل تريد أن نتسامح مع جرائم البعث؟.. عندما خرجت ألمانيا من الحرب العالمية الثانية مهزومة قرر العجوز كونراد أديناور الذي قاد بلاده وهو في سن الثالثة والسبعين، أن يضع النازية وجرائمها في متاحف تذكّر الشعب بأن لاعودة إلى الماضي، ولم يشكل لجان اجتثاث أو إقصاء، لكنه في المقابل استطاع خلال فترة حكمه التي بلغت 14 عاماً أن يضع من ألمانيا معجزة اقتصادية خلال سنوات قليلة ويحولها إلى واحداً من أقوى اقتصاديات العالم.
أقرأ كلمات المهاتما عن التسامح "أحسست أن تسامحي ينقل شيئين للذين يظلمونني ويسيئون معاملتي، أولاً: مدى قدرتي على تقبّل الآخر، وثانياً: قناعتي أنّ قوّتهم ستسقط يوماً ما".
الذين هزموا الفوضى وكسروا خوف الناس وأعلوا كرامة شعوبهم، لم يكونوا قادة معارك المصير ، كانوا رجالاً يحبّون شعوبهم لا مقرّبيهم، ويعملون لأوطانهم لا لأحزابهم .
قبل شهور قرأت تقريراً مثيراً عن رواندا، هذا الاسم بالتأكيد سيذكركم بالمليون قتيل الذين تقطعت أجسادهم بالمناجل، في معركة بين طائفتين، وكان العالم يشاهد عبر الفضائيات عشرات الألوف من الناس يسيرون خلف بعضهم البعض وعلى رؤوسهم طعام قليل وملابس، كان هذا كل ما يملكون. والآن التقارير تخبرنا أن رواندا تحولت من "الإبادة الجماعية" إلى عاصمة السياحة في أفريقيا، فقد تغير الوضع حين قرر ساستها أن يتركوا الماضي خلف ظهورهم ، لتحقق رواندا أحد أسرع معدلات النمو في العالم، فيما نحن لا نزال نطارد اصحاب الشهادات بالهراوات .