TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: راوندا عراقية

العمود الثامن: راوندا عراقية

نشر في: 1 فبراير, 2021: 10:41 م

 علي حسين

على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وجهت الدكتورة لاهاي عبد الحسين رسالة إلى وزارة التعليم العالي تسأل فيها: أيهما أنفع للجامعة لجان تسعى لتطوير المناهج ومعالجة مشاكل التعليم، أم لجان تجتر الماضي وتشيع مبدأ الثأر الذي يريد له البعض أن يكون هو النظام السائد؟.

الأستاذة الجامعية التي قضت سنوات في الجامعة تَدرس على يد أساتذة كبار، وتُدرس طلبة مجتهدين، تجد أن الجامعة يجب أن تكون بيتاً للجميع، وحاضنة للسلام والتسامح والمحبة وحقوق الإنسان .

أستاذة علم الاجتماع، وصاحبة المؤلفات القيمة، تريد من الدولة أن تستخدم، ولو لمرة واحدة، المكبّر للنظر جيداً إلى عقول العراقيين، وتشاهد الوجوه التي أهانها الفقر والعوز بسبب استحواذ "حيتان" الدولة على ثروات البلد .

منذ عام 2003 ونحن نعيش مع تعبير أثار جدلاً واسعاً اسمه الاجتثاث، وكان الغرض منه اجتثاث من تلطّخت أيديهم بدماء العراقيين، إلا أن قادة الأحزاب بفروعها وقوميّاتها أصرّوا على اعتبار معظم العراقيين من "العهد المباد" ويجب إبادتهم.

17 عاماً وما زلنا نبحث عن حكومة محاصصة، ما زال تأثير الطائفية والمحسوبية والانتهازية أقوى من الديمقراطية والحرية، ما زلنا ننتظر وزراء يخرجون "حصراً" من معاطف الأحزاب، ولا يهمّ أن تتوقف مصالح البلاد والعباد .

ربما يقول قارئ عزيز، يارجل، هل تريد أن نتسامح مع جرائم البعث؟.. عندما خرجت ألمانيا من الحرب العالمية الثانية مهزومة قرر العجوز كونراد أديناور الذي قاد بلاده وهو في سن الثالثة والسبعين، أن يضع النازية وجرائمها في متاحف تذكّر الشعب بأن لاعودة إلى الماضي، ولم يشكل لجان اجتثاث أو إقصاء، لكنه في المقابل استطاع خلال فترة حكمه التي بلغت 14 عاماً أن يضع من ألمانيا معجزة اقتصادية خلال سنوات قليلة ويحولها إلى واحداً من أقوى اقتصاديات العالم.

أقرأ كلمات المهاتما عن التسامح "أحسست أن تسامحي ينقل شيئين للذين يظلمونني ويسيئون معاملتي، أولاً: مدى قدرتي على تقبّل الآخر، وثانياً: قناعتي أنّ قوّتهم ستسقط يوماً ما".

الذين هزموا الفوضى وكسروا خوف الناس وأعلوا كرامة شعوبهم، لم يكونوا قادة معارك المصير ، كانوا رجالاً يحبّون شعوبهم لا مقرّبيهم، ويعملون لأوطانهم لا لأحزابهم .

قبل شهور قرأت تقريراً مثيراً عن رواندا، هذا الاسم بالتأكيد سيذكركم بالمليون قتيل الذين تقطعت أجسادهم بالمناجل، في معركة بين طائفتين، وكان العالم يشاهد عبر الفضائيات عشرات الألوف من الناس يسيرون خلف بعضهم البعض وعلى رؤوسهم طعام قليل وملابس، كان هذا كل ما يملكون. والآن التقارير تخبرنا أن رواندا تحولت من "الإبادة الجماعية" إلى عاصمة السياحة في أفريقيا، فقد تغير الوضع حين قرر ساستها أن يتركوا الماضي خلف ظهورهم ، لتحقق رواندا أحد أسرع معدلات النمو في العالم، فيما نحن لا نزال نطارد اصحاب الشهادات بالهراوات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram