علي حسين
العام 1901 أصدر الروائي والشاعر الفرنسي جول فيرن كتابه "من الأرض إلى القمر". كان جول ابن محام فرنسي، أراد الأب لابنه أن يلتحق بسلك المحاماة، لكن الصبي المشاغب، كان يعيش في عالم الخيال، يحلم أن يركب سفينة تجوب البحار، ويرسم صوراً لصاروخ ينطلق نحو الفضاء،
وعندما قرأ البريطاني هربرت ويلز رواية "من الأرض إلى القمر" أدرك جيداً أن هذه ليست رواية مغامرات، بل عمل فكري يلخص إيمان الكاتب بالإنسان وبالفكر الإنساني القائم على سلطة المعرفة، وبقدرة الحضارة على أن تقدّم للإنسان، ليس أجوبة نظرية فقط، بل حلولاً عملية أيضاً، فقرر أن يكتب "أول رجال على سطح القمر"، ويقال إن الأمريكي نيل آرمسترونغ تذكر صفحات رواية "ويلز" وهو يضع قدمه على سطح القمر قبل أكثر من نصف قرن. ربما سيقول قارئ عزير: يا رجل هل تصدق الدعايات الإمبريالية ؟ ، إنها خدعة أرادت من خلالها أمريكا أن تسيطر على العالم.
عندما تَمشى آرمسترونغ على القمر، كان العراق مؤملاً له أن يصبح دولة صناعية وزراعية من طراز أول، فماذا حدث؟ بدلاً من أن نفتح الأبواب أمام العلم، فتحنا السجون على من يختلف معنا في الرأي، وبدلاً من التنمية والازدهار، تفوقنا في البطالة والفقر، وبدلاً من أن ندخل المختبرات العلمية، دخلنا أحزاباً فاشلة همها الوحيد السيطرة على مقدرات الناس.
بعد "52 عاماً على رحلة آرمسترونغ تقرر دولة الإمارات العربية أن تبعث "الأمل" إلى الفضاء وهذه المرة لاكتشاف عجائب كوكب المريخ.
ومثلما حلم جول فيرن بالوصول إلى الكواكب، ظلت الإمارات تحلم بالوصول إلى التنمية والازدهار الاجتماعي، وإعلاء شأن العلم.
الذين يسخرون من هبوط الإنسان على القمر ربما لا يعرفون أن خطوات آرمسترونغ فتحت الأبواب أمام التطور التكنولوجي الذي تشهده البشرية اليوم، فمن خلال استكشاف الفضاء زرعت الدول المتقدمة أقمار الاتصالات التي حولت الكرة الأرضية إلى قرية صغيرة يستطيع من خلالها مواطن في الدنمارك أو كوريا الجنوبية أن يعرف ما يدور في العراق ويتأسى على ما وصل إليه حال المواطن العراقي.
تساءلت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية عن مدى أهمية المريخ بالنسبة للمواطن الذي يعيش على الأرض، فكانت إجابة العلماء قاطعة: المريخ ستوفر معلومات هائلة حول كيفية التغلب على المشاكل التي قد تواجه كوكب الأرض مثل التصحر والاحترار العالمي وغيرها من المشاكل البيئية، وتسهم في تحسين نوع مستوى الحياة على سطح الأرض.
نصف قرن عشنا فيه فواصل من الخداع. كنا نحلم ببلدان مستقرة، فتحولنا إلى شعوب نازحة تخاف من كواتم الصوت، فيما تحتفل الإمارات بنصف قرن من الاستقرار والتنمية ، وتسعى لأن تساعد العالم في استكشاف كوكب من كواكب هذا الكون، وتستثمر إمكاناتها الحقيقية بطريقة مثلى .