اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: البطــة

العمود الثامن: البطــة

نشر في: 9 فبراير, 2021: 10:59 م

 علي حسين

عندما تجد كاتباً مثل جنابي يتحدث عن بلاد مثل تايلند، فعليك أن تتيقّن أنه محتار ماذا يكتب وهو يتفرّج على قوة المؤسسات الأمنية لبلاد الرافدين في فرض شعارها "السلاح بيد الدولة" ، والذي أصبح أقصى ما تتمناه الرئاسات الثلاث، وأقصى ما نُفرح به هذا الشعب الذي يراد منه يومياً أن يبقى ساهراً ليعرف نتيجة مباريات دوري "السلاح بيد الدولة".

منذ سنوات وبدافع الحسد فقط لاغير، أتابع أخبار سنغافورة وماليزيا وفيتنام ورواندا، وفي كل مرة أسأل نفسي: كيف استطاعت هذه البلدان أن تحقق الرفاهية لشعوبها؟، وأن تجعل المواطن ينام مطمئناً من أن لا صاروخ "يصحيه " في منتصف الليل؟، وكنت أعجب كلما أسمع من أحد أن بلاداً مثل تايلند، تحولت من العوز إلى واحدة من أسرع اقتصاديات آسيا نمواً.. فعلى الرغم من أن هذه البلاد تفتقرإلى الموارد الطبيعية، إلا أن دخل الفرد فيها يدخل كل عام في منافسة على المراكز الأولى مع سنغافورة وبروناي وماليزيا .

استطاعت تايلند أن تفعل في نصف قرن، ما عجزت عن فعله أنظمة ثورية ترفع شعار نموت نموت ويحيا القائد، فقد عملت على اجتذاب رؤوس الأموال من كل بقاع الأرض وشجعت على الزراعة والصناعة، وأصبحت السياحة فيها في المراكز الأولى عالمياً، ولا أريد أن أخبركم أن تايلند يدخلها سنوياً أكثر من 40 مليون سائح، وقبل أن يكشر فايروس كورونا عن أنيابه حصلت العاصمة بانكوك على لقب المدينة الأكثر استقبالاً للسياح ، تلتها باريس ولندن، ورغم كل هذا فأن تايلند خرجت منذ أشهر في احتجاجات ضخمة تطالب بتشكيل حكومة جديدة، ودستور جديد، وإصلاح النظام الملكي، الذي يرون أنه سبب المشكلات السياسية في البلاد.

وربما يجد قارئ آخر في حديثي عن تظاهرات تايلند نوعاً من البطر، لأن في هذه البلاد أصرت أحزاب السلطة على أن تؤكد للعالم بأن الذي سرق البلاد وخربها وأشاع الطائفية والمحاصصة وباع المناصب إنما هم العراقيون المعتصمون ضدها في ساحات الاحتجاج، وأن تحرير ساحة التحرير بات مقدماً على تحرير العراق من الفساد والانتهازية.. في واحدة من أجمل مشاهد تظاهرات تايلند مشهد استخدام المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية " البطة " القابلة للنفخ لحماية أنفسهم من خراطيم المياه التي لجأت إليها الشرطة الشهر الفائت لتفريقهم. وقد أصبحت البطة الصفراء رمزاً للاحتجاجات ، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يُستخدم فيها البط الأصفر رمزاً للتحدي والاحتجاج.

بمعايير الكتابة المسؤولة، من المفترض أن تجد "جنابي " يتحدث عن "بطة" تشغلك ، لكن بحسابات الواقع فأنني رجل مسالم لا احب اكل البط ، ولا اعرف سوى مسرحية أبسن " البطة البرية " ، وكنت في صباي أردد حزورات من عينة "بطـتكم بطت بطـن بطتـنا " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

 علي حسين درس العلامة جواد علي أخبار وأحداث ابن الأثير وحفظها واطّلع على معظم ما كتب عنها وكل ذلك في إعجاب شديد وحب صادق، وكان جواد علي ابن الكاظمية يعرف أن الموصلي "...
علي حسين

بيانات جديدة عن حالة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: ثلاثة بلدان في المنطقة تعاني من المجاعة بينها العراق

د. فالح الحمـراني أظهرت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة معدلات عالية بارتفاع نسب المجاعة وسوء التغذية، فضلا عن أعراض مثيرة للقلق للغاية تتعلق بزيادة نسبة السكان الذين يعانون من السمنة. ويرجع هذا الاتجاه...
د. فالح الحمراني

نظرة في الميدان السياسي العراقي.. إلى أين يفضي؟

عصام الياسري أسفرت انتخابات مجالس المحافظات العراقية في ديسمبر كانون الأول 2023، عن مكاسب كبيرة للأحزاب الطائفية الماسكة منذ العام 2003 بالسلطة. وبضعة انتصارات طفيفة فقط للقوائم المناهضة للمؤسسة ولم تفز الأحزاب السياسية المعارضة...
عصام الياسري

التعديل والأهلية.. جدل الفقه الجعفري مع قانون الأحوال الشخصية في العراق

علي المدن مرة أخرى تفشل مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق بعد أن سبقتها محاولة أولى عام 2017 تقدم بها النائب حامد الخضري. وكما أعلنت تحفظي في المرة الأولى، وكتبت مقالين نشرتها في...
علي المدن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram