إياد الصالحي
عنوانان مختلفان في المكان متماثلان في أداة التنفيذ، عجز كل خُبراء الرياضة من رعيل الفكر الستيني والسبعيني من القرن الماضي الذين تشهد لهم المُنجزات بصواب مناهجهم آنذاك،
عن اجتثاث التخلّف من رؤوس مؤسّسات الأندية والاتحادات والأولمبية والوزارة القطاعية طوال 18عاماً ظلّت تسيِّر أعمالها بعقلية مُدافع أو مُهاجم أو حارس مرمى تلاعبوا بأعصاب جماهيرها، وأبدلوا منافسيهم الأصلاء والاحتياط واصطادوا المتسلّلين لإبعادهم عن مراكزهم، كأن واجباتهم الرئيسة درء الخطر عن ملعب الإدارة لئلا تهتز ثقة الجمهور بهم! فلا عجب أن يقضي الكباتن أشواط مسؤولياتهم بالاستعراض وسط صفارات الاستهجان!
مهلاً، للمقارنة الواقعية ليس إلا، ليس هناك دولة عربية تعدادها السكاني يتجاوزه الـ 100 مليون نسمة باستثناء مصر التي ظلّت وماتزال تعاني ضغوطاً معيشية كبيرة وتقلّبات سياسية مؤثرة على مواطني 27 محافظة تمكّنت بفضل وحدتهم وحُبّهم لها كأم كبيرة، أن تُحقق التوازن في نفقاتها وسياساتها التشغيلية في قطّاع الرياضة، وجاءت مشاركات أبطالها بنتائج مُبهرة منذ أول مشاركة لها بدورة الألعاب الأولمبية عام 1912 في ستوكهولم وكأس العالم بكرة القدم 1934في إيطاليا إلى آخر إنجاز لنادي الأهلي بحصوله على الميدالية البرونزية في بطولة كأس العالم للأندية الدوحة كانون الثاني2021، ومع ذلك لا طموح لنجوم رياضييها الكبار أعلى من عضوية هيئة إدارية أو رئيس نادٍ مثلما يقف الأسطورة محمود الخطيب مزهوّاً بقناعته في موقعه بعد فوزه بمقعد الرئيس بأكثر من 20 ألف صوت في انتخابات 30 تشرين الثاني 2017 والأهم أنه لا يحق له ومجلسه التنفيذي تجديد الترشيح في حالة قضائهما 8 سنوات متتالية بموجب قانون (الحد الأقصى)!
فماذا جرى لرياضة العراق التي مرّ رياضيوها بأسوأ من ظروف أقرانهم في مصر من حروب وحصار وتناحر طائفي وتهميش وبطالة، لماذا لا ينهضون بقانون موحّد مُنصف ينأى أي نجم كبير مهما خدم البلد عن لعب دور أكبر من حجمه ويترك المؤسسات الكبيرة لأصحاب الخبرة ورؤوس الأموال الضالعين في شؤون الاستثمار والتسويق وجذب شركات الإعمار المتخصّصة وليست الموالية للمسؤول المتنفذ؟!
وما الأزمة الراهنة للجنة الأولمبية التي دخلت مرحلة أخطر ممّا مضى، إلا دليلاً على قصور فاضح لـ (فِكر النجم) في معالجة ملفّها، فقد أزاحَ اجتماع تشكيل اللجنة الثلاثية الأربعاء الماضي الأقنعة بما لا يقبل الشك أن هناك إصراراً وزارياً على عدم معالجة ملف الرياضة من الأساس (الأندية ثم الاتحادات) ويُراد إنهاء تنصيب رئيس اللجنة الأولمبية بحراجة المُهلة الدولية ذات الخمسين يوماً من دون انتظار ما يسفر عنه حُكم تمييز قضية الانتخابات في المحكمة قريباً!
وزارة الرياضة تعلم أن تضحية الرياضيين لعامي 2019 و2020 بكل ما تعنيه من ضَرر الحِرمان من الأموال والتدريب والمشاركات لم تكن من أجل سواد عيون (نجم الكرة) بل بانتظار صدور قوانين المؤسّسات الثلاث وأنظمتها الداخلية (الأندية والاتحادات والأولمبية) لتبدأ أية لجنة مستقلّة ليس بينها ممثلٌ للحكومة أو أي مؤسّسة متناغمة مع جهة مرشّح ما، ثم يتم وضع لائحة صارِمة أمام الجميع تحول دون قبول ترشيح من أمضى أكثر من دورتين بالتوالي من دون استثناء على أساس الخبرة والنجومية أو الارتباط الدولي، وتتم مراعاة ذلك حتى في قبول ملف ترشيح الأعضاء المميّزين باعتبار أن بعضهم يواصل عمله لأكثر من دورتين!
أما أن يُجتزَأ الحل بما يخدم مصلحة نجم دون سواه، فالهيئة العامة لجميع المؤسّسات الثلاث مُطالبة ببيان موقف متشدّد لحماية ميثاق العمل الأولمبي من مواد متقاطعة في أصل قوانين الرياضة العراقية يَخشى أغلب أعضاء العمومية أن تُستغل لتمرير مرشّح ما لا يستحق التنافس مع الآخرين، وهي رسالة واضحة لمن يتفاءَل بحذر إزاء حسم اللجنة الثلاثية أعمالها ألا تكرَّس لإخلاء الطريق أمام مرشّح انتهت ولايته مرّتين في شباط 2019 وتشرين الثاني 2020!
إهدأوا ..وأغلقوا أفواه العِداء، وضعوا قوانينكم (بعد التصويت على قانون الأندية) في سلّة واحدة، وأقبلوا التضحية جميعاً هذه المرّة بقرار سلمي يُجدِّد إدارة المؤسّسات وفقاً للوائح انتخابية تُكرِّم نتائج التصويت فيها من يخدم مصلحة الرياضيين لا أن يُخطط لها البعض كفرصة أخيرة يُراهن على تعويض خسائره في الوقت الضائع!