اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باليت المدى: زواج متعة باللغة الروسية!

باليت المدى: زواج متعة باللغة الروسية!

نشر في: 14 فبراير, 2021: 10:21 م

 ستار كاووش

لا تنتهي الأسئلة ولا تتوقف، وهي تمضي مثلما تمضي الحياة وتسير كما يتدفق ماء النهر. فاليوم الذي يمر دون تساؤلات يمر برتابة دون أن يشعر به أحد. والأسئلة وجِدت كي تفتح نوافذ تُفضي الى المعرفة وتؤدي الى إجابات وحقائق غائبة عن الكثيرين.

مع ذلك، تظهر هناك وهناك أسئلة محيرة في غرابتها وما تحمله من مطالب وأهداف تتجاوز كل التوقعات وتتفوق حتى على الخيال، فتجد نفسك أمام هذا النوع من الأسئلة حائراً في إيجاد الإجابة المناسبة، وعاجزاً في استدراك غرابتها غير المتوقعة. فعلى سبيل المثال، كوني رساماً، فهناك الكثير من الأصدقاء والصديقات الذين يسألوني عن رسم بورتريتهات لهم، وهذا أمر طبيعي، وإنْ كنتُ وقتها منشغلاً ببعض الالتزامات أو التحضير لمعرض جديد، فأنا أقدم لهم اعتذاري لرسم البورتريت بسبب ضيق الوقت، وأغلب هؤلاء يتفهمون ظروفي ويقدرون مشاغلي. وهنا أعود للسؤال الذي وجهه لي أحدهم بطريقة فاقت تصوري وخيالي. وقد ابتدأ هذا الشخص ببعض الأسئلة التقليدية شيئاً فشيئاً، حتى ينقض بسؤاله الذي خبأه في زاوية أمينة من زوايا رأسه، فبعد أن جاء الى المرسم للتعرف عليَّ، مصطحباً معه بعض الأحاديث والأسئلة التقليدية عن تفاصيل الحياة وهمومها التي لا تريد أن تنتهي، ورغم انتباهي الى عدم اهتمامه بالرسم بشكل عام لأن لديه اهتمامات بعيدة عن الفن، لكن مع ذلك سألني بغتتة عن رغبته في أن أرسم له بورتريت، فاعتذرت منه بطريقة مهذبة بسبب التزاماتي العديدة وعدم وجود وقت كاف لعمل ذلك، فبدا متفهماً وغادر المرسم. مرَّتْ بضعة أيام حتى عرفت أن سؤاله عن رسم البورتريت لم يكن سوى جسراً يعبر من خلاله نحو سؤاله الجوهري، وكان مجيئه بمثابة تهيئة المكان نفسياً وإيجاد بعض الاطمئنان. لذا عاد هذا الشخص بعد فترة وعينيه تجوب سطوح اللوحات، كي يبدو مهتماً بما أقوم به، وسألني (سمعتُ بأنك تتحدث اللغة الروسية، هل هذا صحيح؟) فأجبته بنعم. والأمر عند هذا الحد مازال طبيعياً وممكن الحدوث، قبل أن يدخل صاحبنا في الموضوع مباشرة ويلقي سؤاله وكأنه يرمي قنبلة وسط المرسم (تعرفت على امرأة من جورجيا وهي تتحدث اللغة الروسية فقط) ثم أردف (أريد أن أتزوجها زواج متعة، فهل تستطيع أن تزوجني إياها باللغة الروسية؟) ثم أكمل وهو يوضح طلبه وسط ذهولي وأنا اتفحصه ملياً ( فقط تترجم لنا كلامنا لبعضنا من العربية الى الروسية، وبالعكس، وينتهي الأمر) فقلت له ضاحكاً (ماهو حجم البورتريت الذي تريده؟ فهذا أسهل عليَّ كثيراً من العمل مأذون غير شرعي باللغة الروسية)، لأدخل في نوبة ضحك وأنا أُلقي فرشاة الرسم على الطاولة وأرمي نفسي فوق المقعد. وبعد أن هدأت قليلاً، أكمل صديقنا حديثه (تعرفتُ عليها حيث نعيش في كامب اللجوء، وحدث بيننا استلطاف...)، فأخبرته ربما من الأفضل أن ينتظران الى أن يتعلمان اللغة الهولندية ثم يتزوجان بلغة الأراضي المنخفضة. فخرج مستاءً وهو يردد بصوت خافت عبارات مثل (أردته عون، طلع فرعون !) ولم أعرف بعدها إنْ كان قد تعلم اللغة الهولندية هو وحبيبته الجورجية أم لا؟ هل تزوجا؟ هل أنجبا أولاداً يتكلمون لغة ريمبرانت.

لقد سرتُ في هذا العالم هائماً أبحثُ عن الجمال والمحبة التي تجمع البشر، أرسمُ وأحب الطبيعة والناس وهواء المزارع، أراقب الطيور بفرح وهي تبني أعشاشها على حافة سطح المرسم. حتى بيت العصافير الصغير الذي صنعته من الخشب وعلقته على الشجرة التي خلف البيت رسمت على جانبيه عاشقين وسط الطبيعة، كي تشعر العصافير بالطمأنينة. أما حين قررنا أنا وأليس الزواج رسمياً قضينا الساعات الأولى من زواجنا في صالة السينما، دون حفل أو مدعوين أو مراسيم رسمية، فهل يعقل بعد كل ذلك أن ينتهي بي المطاف لتزويج اثنين زواج متعة!! فكرت بحكاية صاحبنا وأنا أردد مع نفسي... وكأنك ياأبو زيد ما غزيت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram