علي حسين
تنقل لنا الأخبار، بين الحين والآخر، عدداً من المواقف ضد الصحافة، وخصوصاً الصحافة الورقية المستقلة، والتي تعاني من دائين، الأول يتمثل في نقابة للصحفيين التي تريد إشاعة الجهل والخراب في "السلطة الرابعة" ، والثاني في المسؤول والسياسي الذي ما أن يسمع عن اسم صحفي من صحيفة مستقلة حتى يتعوذ من الشيطان، ولهذا هو يختصر الصحافة العراقية بصحيفة الصباح فقط، وكأننا لا نريد أن نغادر زمن جريدة " القائد الضرورة ".
كنت أتمنى أن أكتب عن "البروفيسور هيثم الجبوري" الذي قرر أن لا تخرج موازنة العراق إلى النور ما لم تراع حق أصحابه "المساكين" من مقاولي وناهبي ثروات البلاد، ولكني اكتشفت أن الكتابة عن عقلية "جبارة" مثل عقلية رئيس اللجنة المالية في البرلمان لا تهم أحداً في البرلمان ولا تحرك القضاء ليسأل من أين لك هذا؟ لأن الجميع يعتقد أن الصحافة تحارب الكفاءات وتغار منها.
يشعر السياسي العراقي بحالة من التعالي تجاه الصحافة العراقية، ولا يهمه أبدا أن تذهب الصحافة أو تبقى، ولهذا نجد معظم المسؤولين "الأشاوس"، يفتح أبوابه وخزائن ذاكرته لصحفي من جريدة عربية أو قناة فضائية أجنبية، لكنه يستنكف أن يجلس أمام صحفي عراقي، إلّا بشروطه، التي هي أن يضع المكتب الإعلامي لفخامته الأسئلة ويجيب عليها، يضعون بينهم وبين الصحافة العراقية أسواراً من الحديد، الكلّ يدفع من أجل نشر صورهم وهم يقصّون شرائط لمشاريع وهميّة، هؤلاء أنفسهم يستنفرون قوّاتهم، حين يُدلي موظف صغير بتصريح لإحدى الصحف العراقية، حتى أنّ معظم الوزارات أصدرت "مشكورة" توجيهات بغلق الأبواب والنوافذ أمام وسائل الإعلام المحليّة، وعلى الصحفي حين يستخدم المعلومات أن يخفي نصفها حتى لا يتعرض إلى مساءلة القانون، أو تخطفه سيارة مضللة تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية. تكفي هذه الأمثلة لكي نسأل، إذا كانت الصحافة حقًاً جهاز مراقبة كما أراد لها الدستور، فكيف تُمنع من الدخول إلى قبة البرلمان الذي هو ممثل الشعب الذي تُعدّ الصحافة جزءًا من سلطته؟!، كيف بإمكان الإعلامي العراقي أن يقدّم المعلومة وهو لا يرى الوزير حتى في الأحلام؟!
لو سألنا اليوم أي مواطن عراقي عن رأيه وهو يسمع أن الصحافة استطاعت أن تزيح مسؤولاً كبيراً من منصبه، وأنها تمكنت من وضع حسين الشهرستاني خلف القضبان بعد أن لفلف أموال الكهرباء، فقد يموت قهراً أو ضحكاً، لأن هذه الصحافة صدعت رؤوس القراء بحديث عن سرقة المال العام، وسرقت أحلام وآمال العراقيين، دون أن يرف جفن للدولة .
ما ذنب الصحافة أن اعتبرتها الحكومة ومؤسساتها مجرد شيء زائد عن الحاجة وغير معنية بمتابعة اخبار كورونا ، وان عليها ان تجلس " جنب الحيط " كما يقول اخواننا في مصر .