إياد الصالحي
في ظلّ حالة الفوضى التي يشهدها نادي الطلبة الرياضي إثر استسلام هيئته الإدارية للضغوطات الجماهيرية المشروعة، وتهرّبها من مواجهة واقع فريقها المُرّ، وترقّبها المرير لمن يُطفئ الديون الثقيلة بذمتها، اِنسلَّ لاعب منتخب اليمن المحترف مفيد جمال من وجَع صبرِه، وصَدمَ الشارع الكروي بكشفه أسوأ ظرف معيشي ظلّ يعانيه منذ أن وطأت قدماه أرض بغداد قبل شهرين ونيف وسط تجاهل وزارة الشباب والرياضة والهيئة التطبيعية للإساءة الكبيرة التي خلّفتها مأساة اللاعب للرياضة والبلد!
استقلالية نادي الطلبة في قرارهِ الفنّي والإداري بالتعاقد مع اللاعبين المحترفين من خارج الوطن لا يعفي الوزارة والتطبيعية من تحمّل مسؤوليتهما الاعتبارية والقانونية لمُساءَلة إدارة النادي عن أسباب إهمال لاعب ضيف قدَّم شكواه الصريحة عبر قناة تلفازية حكومية، مُبيّناً سوء المعاملة مُنذ قرار المدرب حسن أحمد التخلّي عن خدماته ما بعد توقيعه العقد في 9 كانون الثاني الماضي، أي بعد شهر تقريباً من دفاع جمال عن ألوان الطلبة بموجب عقد رسمي، واضطراره تحمّل نفقات المعيشة المقفرة من قيمة تذكرة السفر في فندق متواضع لا يستطيع فيه تأمين ثلاث وجبات تغذية جيدة، فضلاً عن مجهولية حقّه المضمون في وثيقة التعاقد بعد القرار الفنّي بعدم الحاجة اليه!
كسبَ مفيد جمال تعاطفاً إعلامياً كبيراً مع قضيته خلال الأيام الثلاثة الماضية، لاسيما من إعلاميي بلده الذين راحوا يعاتبون الحبيبة بغداد وأهلها الكرام ومسؤولي الرياضة برسائل ودّية كيف تخذلون لاعباً مُمثلاً لمنتخبنا وسفيراً لوطننا بلا رعاية لائقة يستحقّها بموجب الاحكام الإنسانية وليس البنود الشكلية في وثيقة عقده التي يُمكن استرداد حقوقه فيها عبر القضاء؟ ونشير هنا الى أن كلّ المحترفين الذين مرّوا عبر الأندية الرياضية العراقية ما بعد عام 2003 كانوا محل اهتمام بالغ بمن فيهم جمال الذي يشهد بكرم نادي القاسم “البابلي” وجمهوره وأبناء القضاء يوم لعب لصفوفه بنظام الإعارة قادماً من نادي 22 مايو اليمني أيلول عام 2019.
هناك من يُبرر لرئيس النادي علاء كاظم ومدرب الفريق حسن أحمد بأن تزامن ظروف مفيد جمال مع أزمة انتفاضة جمهور الطلبة المُطالِب بتغيير الإدارة قد شغلت الجميع عن إقرار مصير اللاعب المحترف، فلا الإدارة تفاعلت بمسؤولية وناقشت المدرب عن قراره وتبعات التنصّل من طرف واحد عمّا تضمّنه عقده في ظلّ خواء ميزانيتها وعدم قدرتها على تأمين مستلزمات معيشته الى حين منحه حقوقه كاملة، ولا بادرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، المُشرفة على شؤون نادي الطلبة، باستدعاء رئيس النادي أو من يُمثله لبيان أسباب تعثّر مسيرة احتراف اللاعب وما تتطلّبه المسائل القانونية لتسوية أمره، أما أن تكتفي الوزارة بالفُرْجَة، وتعد الحكاية حلقة من مسلسل نادٍ خرج عن عِصمتها وغير قادرة على إلزامه بحُزمَة ضوابط تؤمّن بينهما علاقة إدارية وطيدة بما لا تسمح بتضرّر أيّ مِن الطرفين، فأدعوها لفكّ الارتباط به اليوم قبل الغد، وأن تكتبَ للجهات المعنية بنقل ملكية الأرض من وزارتها الى وزارة الشباب والرياضة لأغراض نادي الطلبة حسب القرار الأول الصادر بهذا الشأن بعد تأسيسه عام 1969 أو استثمار الأرض والنادي من قبل مُستثمر بقرار حكومي يُنهي التبعية المنقوصة والاستقلالية الوهمية الفاقدة للموارد المالية مع المؤسسة الأم!
كما لا يجوز للهيئة التطبيعية برئاسة إياد بنيان أن تنأى بنفسها عن خرقٍ فاضح لوثيقة لاعب محترف كونها ممثلة للاتحاد العراقي لكرة القدم أمام نظيره الاتحاد الدولي، ولا بدّ أن تباشر التحقيق في الموضوع لحماية منظومة الكرة من التلاعب الكيفي بعقد مُحترف تُرِك حائراً يواجه ظرفاً معيشياً سيّئاً ومؤثراً على نفسيته، مع تفاعل واسع للرأي العام العراقي واليماني والعربي، ولو أنّ جمالاً تقدّم بمذكرة شكوى الى الفيفا مع حيثيات قضيته يقيناً لن تسلم الهيئة وناديه من إجراءات تهدِّد مصالح كرتنا التي تُبذل الجهود الكبيرة من أجل عدم المساس بها وسط التزامات قارية، وأمنيات وطنية أن يفضي عمل لجان التطبيعية الى أجواء إيجابية تفضي الى انتخاب مكتب تنفيذي للاتحاد أواخر نيسان المقبل يُنهي تداعيات ملف محكمة كاس.