TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: روسو يكتب عن الديمقراطية العراقية

العمود الثامن: روسو يكتب عن الديمقراطية العراقية

نشر في: 20 فبراير, 2021: 09:55 م

 علي حسين

ظلّ الكتاب والمفكرون يضربون أخماساً بأسداس وهم يحاولون وضع تصور للدولة العادلة، لم يوفق أفلاطون في حل اللغز حتى وهو يخصص للموضوع كتاباً بعنوان "الجمهورية" تاركاً المهمة لتلميذه النجيب أرسطو الذي كتب مجلداً ضخماً أطلق عليه "علم السياسة" وهو الكتاب الذي ترجم للعربية قبل مئة عام من قبل أحمد لطفي السيد..

وعندما أصر أفلاطون على أن يعلم طلبته أن المدن لا يمكن أن تكون أفضل من حكامها، وقف أرسطو ليقول له: الحاكم الحق هو الذي يبني دولته على خصلتين، العقل والعدل.. في مرات عديدة، وأنا أسترجع ما قرأته، أتذكر دوماً ما كتبه جان جاك روسو في اعترافاته: "العدالة، ليست علاقة بين إنسان وإنسان، بل بين دولة ومواطنين، شرط ألا يحول الحاكم الأفراد إلى أعداء بمحض الصدفة". يعلمنا روسو في اعترافاته أن الظلم حين يصبح مألوفاً فإنه يزرع الفوضى، ويُغيّب الرحمة.. ويطرد العدالة.. فالظلم مثل الوباء ينتشر بلا تمييز، يلتهم الجميع ثم يلتهم في النهاية أصحابه .

أرجو من المثقفين، لا الساسة، إعادة قراءة اعترافات روسو، ليكتشفوا كيف أن الحياة يمكن أن يصنعها كتاب واحد.. حين كتب روسو كتابه عن التربية "إميل" أراد أن يقف بوجه سلطات اللاهوت الغيبي، لذلك تآلب عليه المستبدون في كل بلدان أوروبا.. فقرروا أن يقيموا له المحارق، ولاحقوا مؤلفه من عاصمة إلى أخرى. فيكتب إلى أحد أصدقائه: "ما همني أن أصبح طريداً.. فقد عشت مشرداً طوال حياتي"، ويقال إن فيلسوف التنوير الألماني كانط عندما سمع بظهور كتاب روسو هذا، قرر أن يحصل على نسخة منه مهما كلفه الثمن وبعد أن انتهى من قراءته التفت إلى أحد تلامذته قائلاً "هذا كتاب سيشكل حدثاً في تاريخ البشرية"، بعد سنوات يكتب روسو رسالة إلى كانط يقول له فيها: "أنظر إلى الإنسان يولد وهو حر.. ولا يدري أن هناك من يريد له أن يظل عبداً لحاجياته".

كلمات روسو التي أضاءت أوروبا منذ عشرات السنين رسمت خارطة طريق لبلدان قررت أن تتقدم، فيما نحن ومنذ عشرات السنين قررنا أن نتفرج ونعيش في سبات تقطعه بين الحين والآخر خطابات لقادة " تأريخيين " يرفعون شعار "أنا أو الفوضى". قادة ومسؤولون محملون بأطنان الذرائع وأكوام الخطب. وأعوام سبات في الجهل والتخلّف.

ما الذي علينا أن نتعلمه من روسو؟، يرشدنا صاحب العقد الاجتماعي إلى أن الأمم لا تزدهر في ظل ساسة " روزخونية " يخططون من أجل الوصول إلى درجة من الإيمان بأنه لا خيار أمام الناس سواهم.

أيها الأصدقاء اقرأوا روسو جيداً وتساءلوا معي: ماذا سيكتب صاحب الاعترافات لو أنه عاش في ظل الديمقراطية العراقية ، حيث لا صوت يعلو على صوت الفساد والانتهازية؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram