اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: داعية الوطنية

العمود الثامن: داعية الوطنية

نشر في: 26 فبراير, 2021: 09:58 م

 علي حسين

لم أكن من المقربين من الشخصية الوطنية نجيب محيي الدين، وكانت معرفتي به متواضعة، لكنني عندما أفكر في تاريخ العراق المعاصر، أتذكر رجالاً مثل حسين جميل، ومصطفى علي وحسين الرحال وصفاء الحافظ ورجل علم ومعرفة ووطنية مثل إبراهيم كبة ،

مثلما أتذكر نجيب محيي الدين صاحب الصوت الهادئ والعميق في نفس الوقت، والابتسامة التي لا تفارق ملامح وجه الرجل التسعيني، تعرفت على نجيب محيي الدين قبل أكثر من خمسة عشر عاماً وتوطدت علاقتي به وهو يثابر على حضور فعاليات بيت المدى ليسمع منه الحضور حديثاً رائقاً عن الوطنية وشخصياتها.. قال لي ذات يوم ببساطة محببة: أجد فيما تكتبه لمحات من شبابي عندما كنت عنيداً في مواجهة الاستبداد والظلم، وأنظر إلى وجهه وأرى أن هذه المقارنة مجحفة مع شخصية ناضلت وسجنت وتغربت من أجل عراق ديمقراطي حقيقي، فيما العبد الفقير لله لا يجد من سلاح سوى هذه الزاوية التي صدع رؤوس قرائها بحديث عن الوطنية ونبذ الطائفية والتفتيش بين أوراق الكتب.

ظلّ نجيب محيي الدين، على مدى تسعين عاماً، صورة عن العراق الذي أحبّه وعشقه، لا الطائفية أغرته، ولا المحاصصة اقتربت من بابه، كان مثل العراق الذي حلم به، أنيقاً، طافحاً بالأمل. ولم يكن يدري أنّ العراق سيدير له ظهره في أواخر حياته، ليعيش ما تبقى له من العمر غريباً ، في الوقت الذي نجد خيل السياسة يترافسون فيما بينهم من أجل الكراسي.

ودع نجيب محي الدين عراقه الذي كان يأمل أن يراه يذهب باتجاه المستقبل، فإذا به يثير معارك الماضي، ويصر ساسته على أن لا حل لمشاكل العراق إلا المحاصصة الطائفية.

ما هذه البلاد التي تدير ظهرها للجواهري والسياب والرصافي والشبيبي؟ وتستكثر على نجيب محي الدين برقية تعزية؟.

في هذه البلاد فقط، تقرأ أخبار معارك هيثم الجبوري الذي يريد أن يفصل ميزانية العراق على مقاسه، وتشاهد فيديوهات جمال الكربولي الثورية، وتنتظر ما يقوله الإصلاحي عزت الشابندر، وكلها أخبار تصلح عنواناً للمرحلة التي عشنا فيها أحداث مسرحية الضحك على القانون.

عاش نجيب محيي الدين سنواته التسعين مؤمناً بأن هذا الوطن المثير للدهشة لن يكف عن صوغ نفسه كل يوم، يختلف أبناؤه على أشياء كثيرة، لكنهم يتفقون جميعاً على شغف حب هذه البلاد والدفاع عن حريات الناس وآمالهم ومستقبلهم.. والأهم أن يتعلموا الجرأة التي يملكونها، والشجاعة التي يجب أن ترافقهم، والإقدام والتضحية التي يجب أن تكون شعاراً لهم.

لايهمّ، في كل الأحوال الحمد لله على نعمته أن نكون ونظلّ عراقيين على طريقة نجيب محيي الدين، لا على طريقة برلمان 2021 .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

 علي حسين درس العلامة جواد علي أخبار وأحداث ابن الأثير وحفظها واطّلع على معظم ما كتب عنها وكل ذلك في إعجاب شديد وحب صادق، وكان جواد علي ابن الكاظمية يعرف أن الموصلي "...
علي حسين

بيانات جديدة عن حالة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: ثلاثة بلدان في المنطقة تعاني من المجاعة بينها العراق

د. فالح الحمـراني أظهرت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة معدلات عالية بارتفاع نسب المجاعة وسوء التغذية، فضلا عن أعراض مثيرة للقلق للغاية تتعلق بزيادة نسبة السكان الذين يعانون من السمنة. ويرجع هذا الاتجاه...
د. فالح الحمراني

نظرة في الميدان السياسي العراقي.. إلى أين يفضي؟

عصام الياسري أسفرت انتخابات مجالس المحافظات العراقية في ديسمبر كانون الأول 2023، عن مكاسب كبيرة للأحزاب الطائفية الماسكة منذ العام 2003 بالسلطة. وبضعة انتصارات طفيفة فقط للقوائم المناهضة للمؤسسة ولم تفز الأحزاب السياسية المعارضة...
عصام الياسري

التعديل والأهلية.. جدل الفقه الجعفري مع قانون الأحوال الشخصية في العراق

علي المدن مرة أخرى تفشل مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق بعد أن سبقتها محاولة أولى عام 2017 تقدم بها النائب حامد الخضري. وكما أعلنت تحفظي في المرة الأولى، وكتبت مقالين نشرتها في...
علي المدن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram