TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: رسالة البابا

العمود الثامن: رسالة البابا

نشر في: 3 مارس, 2021: 10:09 م

 علي حسين

منذ أن أعلن بابا الفاتيكان رغبته في زيارة العراق، انطلقت أصوات نشاز تطالبه بعدم وضع قدمه في هذه البلاد، فيما لا تزال جهات مسلحة "مسنودة " تصر على أن هذه البلاد تستحق الصواريخ أكثر من استحقاقها زيارة رجل دين بحجم البابا فرنسيس..

وخرج علينا البعض ممن يضربون كفا بكف وهم يقرأون أن الرجل الثمانيني سيقطع مئات الكيلومترات متحدياً فايروس كورونا وصواريخ "المجاهدين" وعبواتهم، لأنه يريد أن يزور مسقط رأس النبي إبراهيم . يريد السادة الـ" تكنوقراطات" أن يثبتوا للبابا أن هذه البلاد لم تكن يوماً أرضا لإبراهيم، بل البعض سخر من البابا لأنه طلب قبل عام من رئيس الجمهورية برهم صالح هوية عراقية تعرفه على أنه سليل النبي إبراهيم.. فهل يعقل أن هناك شخص يريد أن يصبح عراقياً؟!.. ونسي البعض أن هذه البلاد بنيت بمشقة رجال كبار من أجل أن تكون جرماً مضيئاً في مدار الأُمم، لا مساجلة ومعركة بين سفير طهران وسفير أنقرة ، في الوقت الذي خرج فيه " مفكر " يطالب بطرد البابا من العراق لانه يخالف كل الرسالات السماوية ،وان زيارته للعراق لن تكون تاريخية .

طُرد المسيحيّون من ديارهم في العراق، وقُتلوا بدم بارد، فيما تنازع على حريّة الناس في بلاد الرافدين نوعان، الأول يشرّع قوانين تحوّل الإخوان المسلمين إلى زعماء لأحزاب مدنية، والثاني يضحك عليهم بفتاوى من عيّنة لا تجوز تهنئة المسيحي والصابئي في أعيادهما ، فيما لا يزال البعض مصراً على أن نعيش مع صرخات عامر الكفيشي الذي يروج لبضاعة منتهية الصلاحية شعارها "الدولة المدنية كفر وإلحاد"، فيما هناك من يؤيد "الفتوى الداعشية" التي أطلقها مفتي الديار العراقية "مهدي الصميدعي" بعدم تهنئة المسيحيين العراقيين في أعيادهم، لأنّ هذا "حرامس".

ان صورة البابا وهو يتمشى في اور، هى الصورة التى يحتاجها العراق الآن ، وينبغى أن نبحث عنها ونثبتها ونجذرها فى أعماق الجميع.، العراق بلد التسامح ، وبلاد الالتقاء الحميم بين كل الأديان والثقافات والحضارات ، ومن ثم فنحن الآن أمام استحقاق وطنى وحضارى واجتماعى، فى لحظة تبدو مواتية للغاية لكى يتصالح العراق مع نفسه، ويسترد شخصيته التى ضاعت وانمحت بفعل سلسلة من الجرائم السياسية والطائفية، التي تريد لهذه البلاد ان تدور في فلك دول الجوار .بلاد الرافدين الآن عليها أن تقوم من تحت ركام الطائفية ، إكراما للرجل الذي قرر ان يطلق صوت التسامح فيها.

يا أبناء بلدي الطيبين في كل بقاع العالم ، وأنتم تشاهدون البابا وهو يصلي في أور، لا تنسوا العراق وهو يلوذ بكم حاملاً صليبه.

يا أبناء بلدي من كل الطوائف، العراق سينتصر في النهاية، وسنردد جميعا " الدين محبة".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram