رعد العراقي
استوقفتني تصريحات صدرت على لسان قسم من رؤساء الأندية ورجال الإعلام بشأن رفضهم لقانون الأندية الجديد بذريعة وجود بعض الفقرات التي تشكّل خطراً (حسب اعتقادهم) على استقلالية الأندية حيث صبّت أغلب الاعتراضات في ثلاث نقاط أساسية الأولى بخصوص عدم السماح بازدواجية المنصب، والثانية تحديد مدة العضوية في الهيئة الإدارية بدورتين متتاليتين فقط، أما الثالثة فهي المادة الخاصة بتحويل الأندية الى شركات.
في البداية فإن المعترضين ارتكبوا خطأ إدارياً لحدود صلاحياتهم حين طرحوا رؤيتهم استناداً الى إدعاء رفض أكثر من 200 نادٍ لذلك القانون متخذين تلك الذريعة عنواناً واسعاً يبيح لهم الاعتراض بحجة أنهم المعنيون بالأمر كأندية وأن أي تشريع لا بدّ أن يخرج من تحت عباءة وبمباركة مقترحاتهم وفلسفة مشروعهم الإداري متناسين أن القوانين الرياضية حين يتم تشريعها إنما هي تستهدف تنظيم كيان يخدم شريحة الرياضيين وخاصة الأكبر ممّن هم خارج المسؤولية وتذهب نحو معالجة الأخطاء والثغرات وتصحيح مسار المنظومة الإدارية وبالتالي تحديث وتطوير تلك المنظومة.
إذن الهيئات الإدارية للأندية لا يمكن أن تطرح نفسها ممثلاً قانونياً لمناقشة أي تشريع ولا يمكن أن تتحكّم بأي تعديل وليس لها الحق في اعتبار كل إجراء يعنيها أو يستهدفها كونها لا تملك الوصاية على الحاضر والمستقبل ولا تمتلك سند توريث الأندية وإن رأيها لا يخرج عن آراء كل الرياضيين ممّن هم خارج المسؤولية، بل الحق في القول إن فشل أغلب إدارات تلك الأندية وسيطرتها على كل المقدّرات وتمسكها بالمناصب هي من دفعت الى التفكير بتشريع قانون ينقذ الرياضة وينظم عمل الأندية فكيف من كان سبباً أن يبيح لنفسه التحكّم بصيغة التشريع!
الأمر الأكثر أهمية هو أسلوب تشريع القوانين التي من المفترض أن تتخذ من المسالك القانونية التي نظمها الدستور وسيلة لإقرارها فهناك لجنة الشباب والرياضة البرلمانية التي تأخذ على عاتقها دراسة كل حيثيات القانون المقترح بما يتلاءم والغاية من تشريعه وهي تستند بعملها الى خبراء متخصّصين في الجوانب القانونية والعمل الرياضي وصولاً الى صياغة تخدم الهدف من دون التوقف عند مزاجية وأهواء البعض أو مدى الضرر الذي قد يصيب فئة معينة، لذلك فإن محاولة فرض الإرادة وجعل منصّات التواصل الاجتماعي أو بعض القنوات الإعلامية منبراً للنقاش والاعتراض لإسقاطه نصاً وغاية من خلال التشكيك بمن صاغه وسعى لإقراره هو أمر خارج عن حدود المنطق والمسؤولية الوظيفية.
يمكن القبول ببعض الملاحظات التي يمكن أن تعزّز من صياغة الفقرات الواردة في نص القانون المقترح وتمنحها قوة الثبات وتتجنّب أي تأويل في التفسير مستقبلاً دون أن تؤثر على الإطار العام أو تتنازل عن هدف الخلاص من ظاهرة احتكار المناصب التي يبدو أنها تمثّل الهاجس الأكبر للمعترضين، بينما مسألة تحويل الأندية الى شركات فإن هناك ضبابية في تفسير المادة (25) أثيرت من قبل أحد المحامين الذي كان ضيفاً في أحد البرامج الرياضية حين وصف تلك المادة بأنها كانت ستشكّل كارثة في حالة إقرارها في وقت تناسى أن هناك الكثير ممّن لديه اطلاع كامل بشرح وتفسير القوانين لا يمكن أن تؤثر عليه حالة الحماسة والانفعال وأن تلك المادة لم تفرض تحويل الأندية الى شركات، بل أجازت ذلك سواء لتأسيس جديد أو لتحويل ما هو قائم حالياً، ووفق قانون الشركات النافذ وبدلاً من رفض وتهويل الموضوع كان يمكن أن يطالب بتضمين المادة بما يعزّز من عملية التحويل بشكل قانوني يحفظ الحقوق وينظم الإجراءات أصولياً من دون إثارة أو تشكيك بالدوافع!
باختصار.. القانون حين يتم تشريعه يستهدف كياناً يُراد له أن يتمتّع بالاستقلالية المعنوية والمالية، ولا يتوقف عند زمن أو شخوص معيّنين، وعلى لجنة الشباب والرياضة البرلمانية أن تتجاوز كل الطلبات المزاجية وتمضي نحو التمسّك بإعادة عرضه على البرلمان للتصويت عليه بعد إجراء التعديلات التي تعزّز من قوّته وصياغته من دون المساس بجوهر مضمونه.. فالكل ماضون ورياضتنا باقية!