علي حسين
ثمة متعة خاصة في قراءة كتب المفكر الفرنسي جاك أتالي، وخصوصاً كتابه عن كارل ماركس والذي أكد فيه على مقولة ماركس الشهيرة "ظلّت الفلسفة تفسّر العالم بطرق مختلفة. ولكن المهم تغييره".
قبل أن يطيح فايروس كورونا بالعالم كتب أتالي محذراً من المستقبل حيث أكد أن على الدول الكبرى أن تعترف بنقائض وأزمات الديمقراطية ، طكبعا الرجل لم يقصد الديمقراطية العراقية لانها تجاوزت مثيلاتها في العالم ، حين تصر اجهزة امنية مسؤليتها حماية امن الناس ، على الضحك على المكواطن بحكايات مزيفة ، وأضاف أتالي "إن الحضارة الغربية سوف تأخذ في الانحلال التدريجي، ولسوف تدمّر نفسها بنفسها، إذ لم تنتبه إلى المخاطر التي تحيط بالبشر".
في الأيام الأخيرة أعدت قراءة كتاب جاك أتالي " قصة موجزة عن المستقبل" والذي يروي لنا فيه حكايات السنين المقبلة، والمستقبل الذي ينتظر بلداناً مثل الصين والهند والبرازيل وكوريا الجنوبية، ولم ينس أن يضع معها فيتنام. يقول أتالي: "هناك دول اختارت أن تحجز لها مكاناً في الصفوف الأولى من عربة المستقبل"... فيما نحن اخترنا أن نتحول إلى بلاد لـ"400 " حزب وحزب .
خاضت فيتنام حرباً شرسة ضد الأميركان راح ضحيتها عشرات الألوف، وماتزال صور المآسي تحتفظ بها هانوي في متاحف خاصة، فيما تعجّ العاصمة الفيتنامية اليوم بالسيّاح الأميركيين والاستثمارات الأجنبية، وعادت سايغون مدينة تفتح ذراعيها للجميع، لكنها لا تنسى أن تحتفل بذكرى أبطالها الذين صنعوا لها المستقبل.
وأرجوك أن لا تقارن بين ما قاله ذات يوم رجل نحيل اسمه هوشي منه من ان " الزعامة تحتاج الى عقل يفكر جيداً، وضمير يقظ " بعد ترك للاجيال بلداً يتقدم بقوة إلى عالم الرفاهية، وبين ما نهَبه اليوم رجال الزعامة في العراق، إذ دخل النهب للمال العام بأبشع أشكاله في العراق، وهو جريمة لا استثناء فيها لأحد من احزاب دينية الى تكتلات تكنوقراطية وجميع من جلسوا على كرسي المسؤولية أو تحت قبّة البرلمان. ولهذا لم يكن عجيباً ولا غريباً أن نعرف أنّ معظم الذين يرتزقون من السياسة في العراق هوايتهم الحصول على " مقاولات "، وفي ابسط الاحوال " رشاوى " في الوقت الذي لا يكفّون من الحديث عن مخافة الله وبناء الدولة ومحاربة السرّاق.
يخبرنا كاتب سيرة هوشي منه أن الزعيم الفيتنامي كان ينصح وزير دفاعه الجنرال جياب، بعد معركة ديان بيان فو، التي لقّن فيها جياب القوات الفرنسية أقسى دروس الهزيمة، عندما انتبه "العم هو" إلى أن قائده العسكري أخذ يكيل المديح للمقاتلين، فنبهه إلى أن "تحرير البلاد ليس منّة يتحملها الشعب، إنه واجب علينا أن نقدمه بلا خُطب، فالتاريخ لايصنعه شخص واحد."