تقرير - إخلاص داود
تعكس صورة الخريجين العاطلين عن العمل الذين يتجاوز عددهم عشرات الآلاف، حجم الفساد السياسي والمؤسساتي، ما ينذر بتدهور خطير يشمل جميع مفاصل الدولة لأمد بعيد.
وتجتاح العائلات العراقية مشاعر حزن وبؤس لرؤية ضياع وقت أبنائهم وانسياب عمرهم دون استقرار وظيفي، وذهب الجهد والتعب والاستمرار الدراسي لسنوات مثل الهواء في شبك.
أما الشباب فكان منهم من دب اليأس في قلبه من دولة لا تحترم قدراتهم ولا توفر وظيفة تناسب شهادتهم، وبين من أخذوا على عاتقهم مسؤولية المطالبات والمناشدات حتى تحقيق الأهداف.
ولعب العالم الافتراضي دوراً كبيراً في محاولات إيصال صوت الشباب، وكان لروابط الخريجين في وسائل التواصل الاجتماعي التي أنشأتها مجموعات من الشباب المحتجين في أغلب محافظات العراق انعكاس على مستوى الوعي العالي والثبات القوي على الاستمرار في المطالبة، وبذل قصارى الجهد في سبيل الحصول على مبتغاهم.
ورداً على سؤال ماهي أسباب نشأة الروابط الالكترونية التي انتشرت في الآونة الاخيرة في وسائل التواصل الاجتماعي للخريجين العاطلين عن العمل، يقول نبراس الخزعلي: إنه توجه فكري يجمع تحت مظلته الخريجين أصحاب الحقوق المغيبة ليكونوا بذلك صوتاً واحداً.
أما زيد خلف فيقول: "بعدما رأينا إن التظاهرات فيها بعض المشاكل اتجهنا إلى تأسيس الرابطة والضغط على صفحات السياسيين من خلال الفيس بوك وبرامج التواصل الاجتماعي وشرح مظلوميتنا لهم".
(أواعدك بالوعد واسكيك يا كمون) بالمثل الشعبي بدأت كلامها فاطمة عبد الواحد. وتابعت قائلة: "مضى على تخرجي ١٣ منذ سنة ٢٠٠٧ وأنا اشارك بجميع التظاهرات ولم نحصل أنا وزملائي على شيء سوى الوعود، لكننا مؤمنون أننا لا نحارب طواحين الهواء ويجب أن يُسمع صوتنا، فتوجهنا لتشكيل رابطة ننظم بها صفوفنا وأهدافنا".
رحلة المطالبات
وانطلقت رابطة الخريجين القدامى في العراق من بغداد في تشرين الثاني من عام 2019 لتشمل جميع محافظات العراق، وقال نبراس الخزعلي مؤسسة الرابطة :" إن شريحة الخريجين القدامى وبسبب الظروف التي عانوها واليأس الذي أصابهم و التهميش الذي أدى الى ضياع حقوقهم وبعد أن تقدم بهم العمر وأصبح لديهم عوائل ليكونوا هم المعيلون لعوائلهم ولعدم وجود آذان صاغية من قبل أصحاب القرار".
ويضيف الخزعلي: "كان التوجه والتجمع تحت مظلة رابطة الخريجين القدامى كونها أخذت منحاً فريداً من نوعه يرتكز عملها على الوعي القانوني والثقافة المجتمعية السلمية التي تسعى من خلال تحركاتها وخطواتها الموضوعة والمدروسة من قبل مؤسسيها ومجموعة من الكفاءات من الخريجين الذين يمتلكون من المقومات ، ما يمكن أن يستعيد من خلاله بلدنا العزيز مكانته بين الدول حيث استقطب هذا التوجه الفكري ليصبح بذلك أعضاء الرابطة 34000 خريج من عموم العراق".
وتعليقاً على احتمالية تحقيق المطالب من قبل الجهات المعنية يوضح مؤسس الرابطة:" ليس لدينا مطالب بل هي استحقاقات كفلها الدستور العراقي لنا كون الدستور هو عقد بين المواطن والحكومة ومن خلال هذا العقد هناك واجبات على المواطنين الالتزام بها و استحقاق وحقوق للمواطن على الحكومة أدائها وأن شريحة الخريجين القدامى قد سُلب استحقاقاهم وحقوقهم وغيبت الأخطاء الإدارية و سوء التخطيط للحكومات المتعاقبة على مدار 17 سنة فرصهم في أخذ دورهم في المجتمع العراقي وحرمانهم من فرص التوظيف في القطاع الحكومي رغم السعي الحثيث والجاد حيث لم يدخروا جهداً.
ويتابع الخزعلي: "الخريجون لم يتركوا باباً إلا وطرقوه وقدموا أوراقهم وشهادات تخرجهم التي كانت أمنياتهم وآمال عوائلهم أن تؤمّن هذه الشهادات التي جاءت بتعب السنين لهم مصدر رزق يتلاءم و تحصيلهم العلمي".
ورداً على سؤال حول انجازات رابطة الخريجين القدامى في العراق قال حيدر موات المسؤول الثاني في الرابطة: "إن رابطة الخريجين القدامى في العراق كان لها الدور الأكبر بإظهار مدى استحقاق ومظلومية هذه الشريحة على مسمع ومرأى الجميع، حيث استطاع مؤسسوها أن يوصلوا صوت جميع الخريجين القدامى الى أبعد وأعلى المستويات، على سبيل الذكر لا الحصر جلوسهم على طاولة الحوار داخل مجلس النواب العراقي مع اللجنة القانونية لمجلس النواب وكذلك عقدت جلسة مع لجنة مراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي والتخطيط الستراتيجي وكذلك مع مجموعة كبيرة من نواب البرلمان وكان لنا لقاءات كثر منها مع المفوضية العليا لحقوق الإنسان وعدد من المحافظين للمحافظات العراقية و سبقها لقاءات مع المرجعية الدينية العليا".
ويؤكد موات أنه" كان لنا دور بارز بأن يكون لرابطة الخريجين القدامى في العراق توجه غير مسبوق على مر التاريخ العراقي والعربي على سواء حيث اتجهت الى أعلى سلطة في البلاد ألا وهي القضاء العراقي ليقوم الخريجون القدامى ومن خلال رابطتهم برفع دعوى قضائية على السلطة التنفيذية المتمثلة برئيس مجلس الوزراء بالإضافة الى وظيفته كون الأخيرة هي المسؤول الأول على تنفيذ البرنامج الحكومي وتطبيق فقرات الدستور العراقي وما نصت عليه في المادة 16 (تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات لتحقيق ذلك ) وكذلك المادة 30 من الدستور التي نصت على أن يكون للمواطن حق من خيرات هذا البلد والى الآن دعوتنا قائمة داخل المحاكم العراقية .والآن ترتقب رابطة الخريجين القدامى ما آلت إليه الأحداث الأخيرة ونتاجات الخطوات السابقة من قرارات مجلس الوزراء التي تخص مطالب الخريجين والتي أشارت إليها اللجان النيابية وما قدموه من مطالب وخارطة طريق للحلول من قبل مسؤولي الرابطة.
الخريجون القدامى في تظاهرة
وفيما يتعلق بالتظاهرة التي يقيمها خريجو التربية القدامى في محافظة كربلاء، بين فترة وأخرى، يقول علي فاضل ممثل رابطة الخريجين القدامى في كربلاء: " كان مطلبنا موجه للحكومة المحلية بإصدار أوامر إدارية بتعيننا كمحاضرين أسوة بباقي أقراننا في المحافظات الأخرى".
ويتابع فاضل لقد "مضى على تخرجنا عدة سنوات وأعمار الأعضاء في الرابطة قاربت السن القانوني للتقاعد ولم يحظوا بفرصة تعيين، لذا أنشاءنا رابطة فقط تجمع خريجين ليس لها أي علاقة لا بشخصية ولا بحزب ولا أي مسمى كان،حيث أنشئت الرابطة في 1/1/2019 وعدد الأعضاء 5 آلاف عضو مسجل في قاعدة البيانات".
وتؤكد إيمان محمد وهي عضو في الرابطة الى ما ذهب إليه زميلها علي فاضل وتضيف، "إن من ضمن المخططات لدينا تشكيل نقابة خاصة بالخريجين القدامى تحمل على عاتقها حقوق الخريجين القدامى والدفاع عنهم، فقد خرجنا عدة مظاهرات ولم نجد آذاناً صاغية من الجهات ذات لعلاقة فقط وعود لم تنفذ مطالبنا".
أعمارنا لا تتحمل التأجيل
يقول زيد خلف عجرش مسؤول رابطة الخريجين القدامى في النجف: " لقد ركزنا في مطالبا على التعيين أو إيجاد الحلول للخريجين الذين تجاوزت أعمارهم ٤٠ سنة، وكنا نتمنى لو بصيص أمل في التعيين بعد ما تعبنا من كثرة البحث في إيجاد فرصة للتعيين منذ أكثر من ١٥ سنة و الأغلبية لديهم وصولات مراجعة للمعاملات التي قدموها في السنوات الماضية.
ويضيف: عندما أنشأنا الرابطة كانت استجابة الخريجين وترحيبهم كبيرين، وقد وصل عدد الاعضاء ما يقارب ٥٧٠ في محافظة النجف، واتجهنا الى الضغط على صفحات السياسيين من خلال الفيس بوك وبرامج التواصل الاجتماعي و شرح مظلوميتنا لهم. فكانت استجابة من بعض نواب البرلمان، وكان لنا لقاء مع العديد منهم، واتجهنا أيضاً للقضاء ورفع دعوى قضائية ومازالت مستمرة.
مخططاتنا مرهونة بمصداقية المسؤول
لكل قضاء رابطة في ذي قار تعمل تحت خيمة رابطة خريجي ذي قار الأمّ، ومن خلالها يكون ممثل لكل قضاء، هكذا وضح رضا حسين ممثل عن رابطة خريجي سوق الشيوخ وضع الروابط في محافظة ذي قار.
يتابع حسين،" بلغ عدد أعضاء رابطة خريجي سوق الشيوخ 5000 آلاف تقريباً، أما عدد أعضاء الروابط بصورة إجمالية مايقارب 29780 عضواً، تلخصت مطالبنا منح الخريجين حقوقهم بالتعيين، وفي توفير تخصيص لمحاضري ذي قار والبالغ عددهم 29780 محاضراً ، وهذا الأمر جاء بعد عدة اعتصامات كان آخرها في بغداد، وتمت الموافقة على شمول محاضري 2019 من قبل وزارة التربية أي الذين حاضروا في هذا العام بعد أن كانوا مهمشين ضمن قرار منصِف وعدم تهميش أي محاضر من حقوقه.
ويستبشر حسين خيراً قائلاً: "هناك أمل يلوح بالأفق وهو موافقة اللجنة المالية على تخصيص مبالغ مالية لجميع محاضري العراق بصورة عامة والبالغ عددهم 203 آلاف محاضر، وهذا الأمر مرهون بمصداقية المسؤولين الذي واعدوا المحاضرين".
ويؤكد حسين حبيب الكناني ممثل عن رابطة محافظة ذي قار، لقد حولنا قضية المحاضرين إلى قضية رأي عام، كان هذا بمجهود وتظاهرات واعتصامات كثيرة، وتم التخصص المالي للمحاضرين ونحن ننتظر إقرار الموازنة ولكل "حادث حديث".
إن نظرة الخريجين الضبابية للمستقبل، ماهي الى تأكيدات لعدم التزام الدولة بأداء واجباتها الوظيفية المقررة في القانون، وهذا التقصير بالواجبات سبب الفوضى في حياته فأغلبهم يعيشون في وضع مادي صعب، وربما يحملونه إلى الأبد، ومع كل هذا فهم ثابتون على الاستمرار بمطالبهم لحين تحقيق المطالب حتى لو كان الطريق أمامهم مليء بالعقبات.