نساء يبحثن عن عمل لكن القانون لا ينصفهن
المدى/ إخلاص داود
بطرف حجابها تمسح مريم عيناها الدامعتين وتقول بصوت مكسور «الدموع لا تكفي ولا تشفي فقد أصبحت إساءة زوجي أمراً يومياً، وشكوكه الكثيرة حولت البيت الى سجنٍ فيه كل أنواع الإيذاء اللفظي، ما عمق آلامي وزاد من مآسيي العوز والحرمان الذي أعيشه».
هذه الحرب النفسية التي شنها جاءت تصاعدية، توصف مريم ذات الثلاثين ربيعاً وتكمل “منذ أن قرر عدم البحث عن عمل، وكلما تحين لي فرصة عمل يرفضها رفضا قاطعاً، لا أعرف الى أي مدى يمكنني تحمل هذا الأمر، وكل الحلول التي فكرت بها غير قابلة للتحقيق”.
معيقات اجتماعية
وتواصل مريم متسائلة “العرف الدارج في مجتمعنا الزوجة العفيفة من تصبر على فقر زوجها وقلة حيلته، ولكن ما هو ذنب التي وهبها الله قدرة وذكاء تفوق قدرته بالنجاح؟. أنا وغيري الكثير لا يمنحوننا الفرص لأثبات نجاحنا ونجبر أن نكون ظلٌ لهم، وقدراتنا وأحلامنا مرتبطة بأحكامهم”.
يعتبر العنف الاقتصادي أشد أنواع العنف الممارس ضد المرأة ولكن للأسف لا يتم الحديث عنه تقول الناشطة المدنية بنين قاسم وتضيف أن “المعنفات لا خيار لهن ولا فرصة نجاة أمامهن دون استقلال مادي”.
وتتابع: “تدفع العادات والتقاليد أو رغبات ومزاجية الرجل رفض حصول المرأة على الموارد الاقتصادية سواء عن طريق التوظيف بشهادتها أو حرمانها من ممارسة الحرف والمهارات مثل الخياطة أو الحياكة أو العمل بصالونات التجميل أوالتجارة وغيرها. فتكون معتمدة على المعيل وتابعة له اقتصادياً “.
وتضيف “وبهذا تكون الكثير من العراقيات يمارس عليهن أحد أهم أشكال العنف الاقتصادي والذي يعكس الخلل الكبير في قوانين الحماية الاجتماعية للزوجات والفتيات”.
معوقات قانونية
لا أحد يساند المرأة في معركتها لكسب استقلالها المادي أّذا رغبت تقول مريم: “الأهل أول من يطبق العنف المبطن ضدها بحجة المحافظة والشرف والخوف من كلام الناس، فتُحرم من التعليم أو من تنمية مهاراتها، وبعد الزواج تتحكم ثقافة وأخلاق الزوج بها، وإن انعدمت فهي تقضي عمرها في خضوع واستنزاف، ولا قانون يكفل لها حقوقها”.
وتقول المحامية رواء عبد الحسين: “حسب القانون الوضعي العراقي لم يشرع قانون يساند النساء للحصول على عمل أو إكمال الدراسة لذا نرى أغلب الذكور بمجتمعنا يتصرفون بوحشية يساندهم القانون بتجاهله حماية حقوق النساء وكأنهن مواطنات من الدرجة الثانية”.
وتضيف: “لقد عجز القانون عن التكفّل بحماية حقوق النساء سواء من ناحية العمل أو غيره لأنه قانون يخضع للتعصب الجاهلي العرفي لمجتمعنا الشرقي الذكوري”.
وتقول عبد الحسين إنه “حتى عندما شرع قانون يوقف العنف الأسري نرى أول من تصدى لهذا القانون العشائر ورجالات الدين فكيف لو شرع قانون يحمي حق النساء بالعمل”.
فيما دعا وزير العمل والشؤون الاجتماعية عادل الركابي، الحكومة والبرلمان إلى الإسراع في تشريع قانون العنف الأسري للحد من هذه الممارسات الخطيرة على الأسرة والمجتمع.
تبيّن عبد الحسين إن “القوانين عاجزه وبالية ولا تحمي حق النساء ولا اتصور أن يستبدل ذلك لأن من يضع القوانين هم الذكور أنفسهم ومن غير المعقول أن يضعوا قانون تتساوى حقوقهم مع المرأة فتعصّبهم الجاهلي يمنعهم من ذلك”.
الى ذلك تقول زينب أحمد عوين، أستاذة القانون الجنائي في جامعة النهرين في ندوة افتراضية مخصصة للعنف ضد المرأة: “نحن أمام تصاعد جرائم العنف في العراق بكل أشكاله، كان لابد من التصدي لها عبر تشريع قانون للحد من هذه الجرائم وقد تم اقتراح هذا المشروع وأحيل للبرلمان لتتم المصادقة إلا أنه لم ير النور لأسباب كثيرة أبرزها اجتماعية تتعلق بردود أفعال مبنية على اعتقادات شخصية لا أساس لها من الصحة قانوناً”.
وتختم مريم حديثها: “طالما تمنيت أن أخرج من دائرة القيود، وافتح مشغلاً للأعمال اليدوية والخياطة لتكون فرصة لي ولغيري من النساء، ولكن هل يتحقق هذا الحلم يوماً؟”.
خلاصة القول، على الرغم من إن الدستور العراقي يحظر جميع أشكال العنف والإساءة سواء كان داخل الأسرة أو المدرسة أو المجتمع بشكل عام، ولكن هناك فجوة كبيرة من خلالها تعنف المرأة و يفلت الجناة من العقاب، وهي أن قانون العقوبات ينصّ على أن عقاب الزوج لزوجته هو حق قانوني وبالتالي فهي ليست جريمة، فكيف ستُحل مشكلة العنف الاقتصادي وهو بنظر الكثير لا يسمى عنف؟.
جميع التعليقات 1
Anonymous
احسنت القول اتمنى ان يكون هناك قانون ينصف حقوق المراة في المجتمع