TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: فلسفة عراقية

العمود الثامن: فلسفة عراقية

نشر في: 22 مارس, 2021: 10:08 م

 علي حسين

منذ سنوات وأنا أتابع ما يجري في اليابان، وأقرأ ما يقع بين يدي من كتب عن هذه البلاد العجيبة، وأدهشني الأدب الياباني من كواباتا وجميلاته النائمات مروراً بكنزابورو أوي وميشيما واعترافاته، وانتهاءً بإشيغورو وموراكامي،

وكنت مثل كثيرين أعتقد أنّ اليابان حصلت على جائزة نوبل للآداب فقط، فإذا بها حصدت منذ عام 1949 وحتى كتابة هذه السطور على 28 جائزة توزعت في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب، شعب يكتب بحروف عجيبة، لكنه يقدّم لنا كلّ ما يسهّل علينا الحياة. بعد أن خسرت اليابان الحرب عام 1945 قرّر الشعب المهزوم والجائع أن يعيد بناء المصانع والبيوت والشوارع، وكان شعاره "العمل حتى الموت"، بالأمس وأنا أقرأ الخبر العجيب الذي يقول إن إدارة شركة يابانية قررت خصم راتب موظف بسبب مغادرته العمل قبل دقيقتين من الوقت القانوني!، تذكرت الموظف العراقي الذي يعمل عشر دقائق ويستريح ساعتين بسبب الجهد الذي يبذله .هل انتهت حكايات اليابان؟ .

بالتاكيد لاتنتهي حكايات هذه البلاد التي تحتل المراكز الاولى بالرفاهية ، فمنذ ايام قررت الحكومة ان تشكل لجنة لاختيار وريث لعرش الامبراطور ، ولا يذهب بكم الظن وتتوهمون ان اللجنة تشكلت من رؤساء الاحزاب او اقارب الامبراطور.. اللجنة ياسادة من ستة اشخاص بينهم رئيس شركة لسكك الحديد ، وعميد جامعة ، ووزير متقاعد ، فيما ساستنا الاشاوس لايزالون يعتبرون اقرار الموازنة مضر بالعملية السياسية

هناك دول تنهض من ركام العدم لتصبح أغنى الاقتصاديات وتتفوق في الرفاهية والعدالة الاجتماعية، ودول تتحول إلى أرقام سعيدة للعطل التي ترى فيها الحكومة أنها ستبهج الشعب الذي يعاني أيضا من شعار "البطالة حتى الموت". تقول أرقامنا السعيدة إنّ نسبة البطالة بين الشباب تجاوزت الـ40 بالمئة.

يبتسم الأديب الياباني هوراكي موراكامي حين تسأله صحيفة نيويورك تايمز عن مغزى رواياته وحكاياتها العجيبة قائلاً: "أنا أحذّر من مجتمع لا قيمة فيه للعمل المخلص والنقي".

نحن يا سيدي لا نزال ننتظر الأوامر التي تصدر عن الغرف المغلقة والتي يطلب أصحابها كلّ صباح المشورة من طهران، والتعليمات من أردوغان، أما المواطن العراقي فستوزّع عليه الحكومة مشكورة كتاب الفيلسوف الإنكليزي برتراند رسل "في مديح الكسل"، فللكسل في بلاد الرافدين فلسفة خاصة، شعارها أن أداء الخدمة للمواطن "رجس من عمل الشيطان"، قرارات الإصلاح التي يتغنى بها البرلمان تحولت إلى مسلسل كوميدي، العطل التي تمنحها الحكومة يميناً ويساراً ، لأن العمل والإنتاج لا يكفيان لديمومة الحياة، ولأنّ مسؤولاً كبيراً خرج يطمئننا أن امكثوا في بيوتكم، فهذا زمن الراحة والاستجمام، ومن ثم فإن التفكير في العمل منتهى العبث وبداية انهيار هذه البلاد" المؤمنة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram