TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ماذا لو كانت مسيحية ؟

العمود الثامن: ماذا لو كانت مسيحية ؟

نشر في: 27 مارس, 2021: 10:18 م

 علي حسين

على الصفحة الأولى من معظم صحف العالم خلال الأيام الماضية، نشرت صورة للسيدة سامية صُلُحو حسن والتي يطلق عليها في بلادها لقب "ماما سامية" وهي تتولى رئاسة الجمهورية في تنزانيا.. وأتمنى عليك عزيزي القارئ أن تعرف أن السيدة سامية امرأة مسلمة ومحجبة ستقود بلداً أكثريته ينتمون للديانة المسيحية ،

قالت عندما تم اختيارها قبل سنوات لمنصب نائب الرئيس :" من الممكن جداً أن تتولى امرأة إدارة هذه البلاد، فلمَ لا؟! وقد نجح ذلك في أماكن أخرى. إذا كان بمقدور امرأة مثلي أن تتولى منصب نائب الرئيس، فما الذي يمنع غيري من تولي منصب الرئيس .

في تنزانيا هناك من يسعى لترسيخ التسامح بمفهومها الواسع من خلال خطوات أبرزها: أولاً احترام المواطن للمسؤول، ثانياً حماية حقوق الاقليات والسماح لهم بتولي اعلى المناصب ، ثالثاً أن تكون الكفاءة هي المعيار الأول في إدارة مؤسسات الدولة.. رابعاً، وهذا هو المهم، أن الدولة وقيمها أهم وأغلى من الانتماءات الحزبية والطائفية والدينية.

تعلمنا تجارب الشعوب الحيّة أن أول شروط تحمل المسؤولية هي النزاهة، لا الجشع. وأهم أحكامها الترفع لا الاستعلاء، النزاهة فعل إيمان بالوطن والإنسان، ليس لها مقربون وحاشية يفسرون ويجتهدون ليحولوا الحقائق إلى أباطيل، وهي تبقى صفة لمن يحافظ عليها كفرض وواجب، لا كدعاية انتخابية.. النزاهة لا تقبل الاستثناءات ولا الخطأ. إنها شيء مطلق. لا يكون المرء شبه نزيه، أو نصف نزيه. إما أنه رجل نزيه وإما مثل سواه ممن يؤمنون بأن المنصب إرثٌ شرعيّ نورثه للذين من بعدنا.

وقبل أن نبحث عن معاني للنزاهة والكفاءة في القواميس، علينا أن نعرف أن الشعارات، لا تخلق حكاماً نزيهين.. لقد تدرب هذا الشعب المسكين على تلقي ما يُرمى إليه من خطب وبيانات عن التطور والازدهار، وكفاءة المسؤولين ومثابرتهم.. ووجدنا من يكتب معلقات في مديح وورع وتقوى حكامنا وتواضعهم، وأنهم يؤدون الطقوس والشرائع.. ولكننا لم نجد أحداً منهم يؤمن بكفاءة الذي يختلف معه سياسياً وعقائدياً.

في بلادنا التي لا تملك من الديمقراطية إلا قشورها، يحتاج الأمر إلى قادة يؤمنون بالكفاءة والنزاهة قولاً وفعلاً، فيلهمون الناس هذه المعاني حتى تستقر في المجتمع، قادة يملكون موهبة التواصل مع الجميع، يؤمنون بالآخر حتى لو اختلف معهم، يديرون الاختلافات دون تكفير وتخوين، لا ينغلقون في أحزابهم وجماعاتهم وأقاربهم، ولا يختزلون الوطن والمواطنين في المقربين منهم

والآن هل يمكن أن اسأل بعد 18 عاما من الديمقراطية : هل نسمح لامرأة ان تتولى منصب رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء ، او تجلس على كرسي محمد الحلبوسي ، ولا تسألني ماذا لو كانت هذه المرأة مسيحية او صابئية او ايزيدية ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram