TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: العراق تحت موس الحلاق

العمود الثامن: العراق تحت موس الحلاق

نشر في: 28 مارس, 2021: 10:35 م

 علي حسين

عندما تقدم الرجل النحيل بكتفيه الهزيلتين إلى التلفزيون لم يكن يحلم في أن يصبح النجم الأول، فقد كانت النجومية تعني خشونة في الصوت ووسامة وشباباً، لكن صاحبنا، الذي جاء إلى التمثيل من كلية الآداب، كان أقرب إلى وجوه موظفي الحكومة، لا وسامة ولا فذلكات تراجيدية، إلا أن الممثل الباسم أذهل المشاهد وهو يرتدي زي الحلاق "حجي راضي"، حيث قرر أن يمرر موسه على رؤوس الزبائن وهو يلقي عليهم آخر أخبار المحلة، تصاحبها ضحكته المتميزة.

تذكرت سحر سليم البصري وأنا أشاهد دائرة حكومية تستعين بـ " موسه " من أجل إرهاب موظف، ذنبه الوحيد أنه لا ينتمي إلى حزب أو ميليشيا، تمنع عنه موس الحاج راضي.

الخبر الذي نشرته وسائل التواصل الاجتماعي ومعها وكالات الأنباء يقول: إن موظفاً في دائرة الوقف الشيعي، تم الاعتداء عليه من قبل موظفين عاملين معه في نفس الدائرة، حيث قرر هؤلاء " الأشاوس " أن يمارسوا مهنة الحاج راضي مع الموظف المسكين فحلقوا له رأسه، في مشهد مؤلم، يثبت فيه أصحاب الموس أنهم فوق القانون، مثلما يثبت أصحاب القذائف أنهم فوق الدولة، التي لا تزال تردد أنشودة "السلاح بيد الدولة".

ما بين بيان وزارة الداخلية التي أبلغتنا أنها ستتابع القضية وتتخذ كافة الإجراءات، وبين بشاعة القصاص من مواطن لا حول ولا قوة له، تعيش الناس في ظل أشخاص وأحزاب يعتقد كل منهم أن له الحق في تنفيذ قانونه الخاص، وأنهم فوق القانون وفوق الشرائع.، وان موسى يجب ان يحلق رؤوس العراقيين جميعا ، واننا في هذه اللاد سنبقلى جميعا تحت رحمة الحلاق " الاكبر " الذي ان ينفذ قانونه الخاص.

لعل الأخطر في واقعة تعذيب موظف واهانته أمام الموظفين، ليس أن أفراداً قرروا أن يكونوا هم الدولة وهم القانون، بل هو الصمت على مثل هذه الأفعال الإجرامية .

اليوم الناس تعيش في ظل أحزاب وجماعات هي عبارة عن خلطة منتقاة من تخوين الآخر، يرددون هتافاً واحداً، ويرتدون ثوباً واحداً، وفي يد كل منهم " موس " ، يخرجه في اللحظة التي يشم فيها رائحة اختلاف مع ممارساته اللاشرعية ، ليقدم لنا مشهدا مثيرا من " تحت موس الحلاق " .

مرة أخرى قد أتفق مع القائلين إن هذه وقائع فردية، لكنها في النهاية تبقى رسائل رعب يبثها اشخاص نراهم ، ينحنون أمام سلاطين الفساد وسراق البلد، ولكنهم يتحولون إلى صناديد في مواجهة مواطن مغلوب على أمره.

لعل أفظع ما في الأمر أن مشهد الموظف المسكين تحت سمع وبصر الدولة يكشف لنا أن كل ما قيل عن المواطنة والقانون هو كلام من قبيل الاستهلاك اليومي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram