TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: 87 عاماً من الضياء

العمود الثامن: 87 عاماً من الضياء

نشر في: 30 مارس, 2021: 10:08 م

 علي حسين

كان الشهيد أبو سعيد "عبد الجبار وهبي" يكتب في زاويته الصغيرة في صحيفة اتحاد الشعب شيئاً عن مساحات الأمل: "علمني الحزب أن أرى حريتي وأخلط فرحي بشيء من أحلام الناس" يومها كان هناك وقت ومتسع للأمل، في ذلك اليوم من عام 1960 نظر أبو سعيد من نافذة غرفته المطلة على إحدى زوايا شارع الكفاح..

متأملاً احوال حزبه المثير للدهشة وهو يراه يعيد صياغة نفسه كل يوم، ويقرأ ملامح الشيوعيين الذين قد يختلفون على أشياء كثيرة، لكنهم يتمسكون جميعاً بخيارهم الوطني وشغفهم بحب الوطن والدفاع عن حريات الناس وآمالهم ومستقبلهم .

منذ انطلاقتهم الأولى قبل 87 عاماً لم يفصل أبناء الحزب الشيوعي بين ذواتهم ومآثر وطنهم وقضاياه. وظلوا يعيدون صياغة حياتهم ليصبحوا أكثر استعداداً لتكريسها في تحديد مسارات الحرية لبلادهم والارتقاء باستعداد شعبهم للتحديات التي تتطلبها، والكوكبة من المناضلين الذين أطلقهم الحزب العتيد إلى سوح الكفاح ومعظم مسالك الحياة في سائر أنحاء العراق، شع من بينهم "أبو سعيد" الذي كان يبشر بالمستقبل كل صباح من خلال عموده الصحفي وهو يحمل نفحات حب الوطن ودروس النضال والتضحية وتكريس مفاهيم النزاهة والترفع عن كل ما يضعف القيم النضالية.

اليوم تبدو كتابات ابو سعيد في استعادتها كأنها نشيد بلازمة واحدة تتكرر، السجن، النضال، حب الناس والدفاع عن حقهم في حياة كريمة، من عبد الجبار وهبي الذي ضحى بحياته، تحت التعذيب الوحشي، مروراً بشمران الياسري "أبو كاطع" الذي قضى منفياً، مطارداً في دروب الغربة، إلى مئات من خيرة المثقفين والمبدعين الذين تعلمنا كتاباتهم ونتاجاتهم الإبداعية، أن نتحسس نبض الوطن، ونعكس هموم الناس وآمالهم وتطلعاتهم وننأى عن الأصوات التي تدفع نحو تشويه الحقائق وتزوير وقائع التاريخ.

اليوم بعد 87 عاماً نتمَثُل الإرث النضالي والسياسي للحزب الشيوعي الذي استمده رجاله من حكايات العراقيين وآلامهم وأحلامهم ومعاناتهم ونجعلها معاشة بين ظهرانينا.

نتذكر "أبو سعيد " ورفيق دربه "أبو كاطع" ومعه آلاف الشهداء الشجعان، ونقرأ اليوم سيرهم، ونمعن النظر في تجاربهم الممتدة عبر طريق الأحزان في أرض العراق الذي عانى من الظلم لعقود طويلة.

ليس صدفة أن الشيوعيين العراقيين، أمواتاً وأحياء، كانت "خطيئتهم" الوحيدة حبهم لوطنهم ودفاعهم عن أحلام ومستقبل شعبهم، ظلوا يرفعون راية الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وهم يتوسدون آلامهم ومحنهم الشخصية في المعتقلات وأقبية أجهزة الأمن ودوائر المخابرات وعتمة السجون، ظلوا أمناء على رسالتهم الوطنية، ترفعوا على ذواتهم، لم يطلبوا لأنفسهم وعوائلهم أي امتياز شخصي، ولم يسعوا إلى مناصب، واستبدلوا الكراهية بالمحبة، وقبول الآخر لا إلغاءه، منادين ببناء وطن يتسع للجميع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram