علي حسين
منذ أن تفجرت الاحتجاجات في السودان ونحن نتابع التطور المثير في هذه البلاد التي أرادت أن يثبت للعالم أن التغيير ممكن بأبسط الأدوات، المهم أن تتوافر الإرادة الشعبية المخلصة، وأن يكون هناك استعداد لدفع الثمن، وساعتها سيكون التغيير سهلاً، وفي السودان شاهدنا كيف أن شباباً استطاعوا أن ينهوا ثلاثين عاماً من البؤس عاشها السودانيون في ظل الرئيس المؤمن عمر البشير.. فيما احتجاجات شباب العراق ابتلعتها الانتهازية ، وكانت طريقاً للحصول على المناصب .
في واحدة من أجمل مشاهد تظاهرات السودان، كان مشهد الفتاة آلاء صلاح التي اشتهرت بلقب "حبوبتي كنداكة"، وقبل هذا المشهد كان البشير يقف بنفسه ليردّ على المنظمات الدولية التي اعترضت على جلد فتاة سودانية لأنها ارتدت البنطلون، قال آنذاك ساخراً وهو يحمل عصاه "البعض يتحدث عن الفتاة التي جلدت على وفق حدود الله والذين يقولون إنهم خجلوا من هذا عليهم أن يغتسلوا ويصلّوا ركعتين ويعودوا للإسلام".
أتذكر ما قاله البشير، وأقرأ خبراً من بلاد الطيب صالح يقول إن اتفاقاً وُقع بين الجهات السياسية ينص على فصل الدين عن الدولة، والحيادية في القضايا الدينية، وكفالة حرية المعتقدات وأن لا تتبنّى الدولة أي ديانة لتكون رسمية في البلاد.
منذ اعوام وساستنا الأشاوس يروّجون لقرارات تُخرس كل من يطالب باقامة دولة مدنية، ويخرجون على الفضائيات يحذرون من نشر الرذيلة والفحش في ساحات الاحتجاجات ، ويطالبون العراقيين بالهداية، لكنهم صمّ وبكم وهم يشاهدون العمليات المنظمة لنهب ثروة البلاد وإشاعة الطائفية وتشجيع الانتهازية والتزوير، وفيما عمر البشير "المؤمن" ظلّ يهدّد الغرب ملوّحاً بعصاه: "من يطمع في السودان عليه أن يلحس كوعه"، اضطر في النهاية أن يلحس كوعه، فيما نحن نواجه آخر الإحصائيات التي تقول إن نسبة الفقر في بعض مدننا يدير شؤونها ساسة "مؤمنون" وصلت إلى ما يقارب الـ50 بالمئة .
ثلاثون عاماً من البؤس عاشها السودانيون في ظل الرئيس "المؤمن" عمر البشير، وفي لحظة واحدة ، كان الاتفاق بين جميع الأطراف السياسية على فصل الدين عن الدولة، فقد جرب السودانيون حكم الدولة الدينية التي كان فيها عمر البشير يقف بنفسه ليبرر جلد الفتيات السودانيات لأنهن يرتدين البنطلون، فيما يصر ساستنا على اصدار قوانين مضايقة الحريات ، لتكون بديلا عن توفير الكهرباء ونقص مواد البطاقة التموينية وانعدام الخدمات والأهم أنها تحميه من شر العبوات " المؤمنة " التي عجزت الأجهزة الأمنية عن كشف اصحابها. في كل دورة "مباركة " من دورات البرلمان يعد الناس بالرخاء والنماء والاستقرار ، ولم يعدهم بتضييق الحريات وخلق معارك جانبية لا تصب في مصلحة المواطن، كان آخرها محاولة تحويل المحكمة الاتحادية إلى محكمة شرعية .
جميع التعليقات 1
Anonymous
السودان لا تجاورها ايران ولا يخضع شعبها للعمائم الفارسيه