إياد الصالحي
مُذ أن عرّفتْ الرياضة العراقية عن أنشطتها في مناسبات محدودة، ما قبل تأسيس اللجنة الأولمبية الوطنية عام 1948، وحتى يومنا هذا، لم تنزع معطف الهواية إدارياً وفنياً، وهي مثلبة كبيرة على متوالية الإدارات والقيادات المسؤولة عنها عجزت جميعاً عن نقل الرياضة الى مرحلة الاحتراف وفقاً لآلياته وضوابطه،
ومع ذلك ظلّت مُحافِظة على روحية التنافس (التآلفي) مع استثناءات خرجت عن (آدابها) وميثاق حركتها المُشرّعة والمُلزمة من قبل 103 أعضاء يمثلون الجمعية العمومية للأولمبية الدولية بحسب آخر مؤتمر انتخابي زكّوا خلاله رئيسهم الألماني توماس باخ لولاية ثانية في العاشر من آذار الماضي.
مرورنا التاريخي السريع عن الرياضة يسبق تمهّلنا بخطوة رمي كرة صراحتنا في سلتها، كون ما يجري للعبة الثانية في العراق يستدعي الحِكمة والتفكّر واستعادة مواقف بريئة من ذكريات مؤسّسيها النُجباء ممّن تعاملوا بروح الأسرة الواحدة التي تنشدُ الهدوء والحرص على إنجاز برامج الاتحاد بهدف التميّز في ختام الموسم، وهو مشروع نبيل مضى به أكرم فهمي الذي سجّل سابقة بترأسّه اتحاد السلة في لندن على هامش مشاركة العراق في دورة الأولمبياد الرابعة عشرعام1948، لينطلق عام 1951 أول دوري محلي، ثم استمرّت بعده الأندية تستقطب الشباب بدافع الهواية وتنمية مهاراتهم ليمثلوا المنتخبات مقابل الانتماء الروحي للبلد وحُبّهم للعبة في رحلة نضال طويلة كان عِمادها الألفة والتضحية والتكاتف من أجل رمزية وجودهم وشرف القميص الوطني الذي يُميّزهم عن بقية المنتخبات في العالم، ومن أجل الوفاء أيضاً لكل قطرة عرق نضحها المدربون في قاعات التدريب.
ما يجري في لعبة كرة السلة اليوم على يد الأبناء والأحفاد كسر كل حواجز الاحترام، وضرب كل ما بناه الأجداد من قيم فاضِلة بين الاتحاد والأندية من جهة والأندية ولاعبيها والمدربين من جهة أخرى، بل وتعدّى البعض الخط الأحمر بمباهاته في برامج التلفاز أنه أشجع من يتحدّث بوجه رئيس الاتحاد ويقول له (أنت فاسد) استناداً الى وثائق وبيانات مُكرّرة العَرض تدين إدارة الاتحاد بالفساد والتزوير وسوء المعاملة والتلاعب بالقواعد الانتخابية، بينما القضاء لم يتّخذ حُكماً قاطعاً في بعض القضايا (أي وفقاً للقانون) يُمكن للمتضرّر أن يُقاضي من يهاجمهُ مطالباً أيّاه بدليل الفساد والتزوير المقرون بقرارات حُكم جزائية باتَة!
في الجانب الآخر، حاولت شخصيات كبيرة في الوسط الرياضي وخارجه التدّخل من أجل إنهاء تهوّر البعض باجتياز الخط الأحمر كونه لا يُمثّل الحرية بضوابطها المكفولة بالدستور العراق، ولا تراعي مشاعر عائلة المتضرّر ووجوده الاجتماعي، لكن جميع الوسطاء أخفقوا وأكتشفوا أن لا مصلحة للمُهاجم سوى تنفيذ رغبته بإزاحة رئيس الاتحاد أو نائبه أو مجلس الإدارة كلّه، وليأتي من يتحمّل المسؤولية بعدهم، ويكونوا فريسة لهجمات أخرى.. وهكذا تدفع اللعبة ثمن تمزّق الألفة وزيادة أعداد الفُرقاء واصطفاف المُعارضين على نهج اسقاط الاتحاد المُستبدّ بقراراته، والمتشبّث بمقاعدهِ منذ عشرين عاماً بحسب ما يصفون، وكل طرف يُلقي أحْجيتهِ أمام الناس وعليهم فهمها وحلّها!
في وضع كالذي يمرّ به اتحاد كرة السلة، لم يجد أهتماماً من اللجنة الأولمبية الوطنية قبل أزمة 2019 كون رئيسه ليس على هوى مكتبه التنفيذي، وما بعد 2021 أصبح أحد أعضاء الأخير والمقرّب لرئيسه، أي لن يكون هناك تدخّل مؤثّر يجمع المتخاصمين على طاولة مُكاشفة تُنهي مسلسل التآمر والاتهامات! ولا دور أساساً لوزارة الشباب والرياضة في هذا الموضوع وغيره، وكأنها تطبّق (شعار الإصلاح) عن بُعد خوفاً من (كورونا التسقيط) وذلك عبر بيانات فضحتْ مواقفها المتوجّسة بدليل توعّد أحد مدربي المنتخبات المُبعدين بعقوبة اتحادية مُستعجلة سخطتْ من تصريحاته بتحشيد مُظاهرة كبيرة ضدّ الوزارة ما لم تتّخذ موقفاً حازماً في إصلاح الاتحاد حسب تصريحه، ترى ما الحل؟!
يقول الكاتب الأميركي الساخرمارك توين “التحسين المستمرّ أفضل من الكمال المؤجّل”! وبناء على ذلك، دعوة لأبناء كرة السلة من أعضاء هيئة عامة وخبراء وإداريين ومدربين وحكام ولاعبين أن يُثبِتوا صواب برامج الاتحاد أو أخطائه في مؤتمر كشف الحقائق الذي علِمنا بانعقاده قريباً، أجمعوا كل أوراقكم البيضاء والسوداء، وثبّتوا سلبيات عمل الاتحاد الذي منحتموه أصواتكم ليبقى كل السنين المارّة، ضعوا كل قلقكم من استمراره أو ثقتكم بدعمه في سلة واحدة، واجهوه على منصّة الحِساب لتخرجوا بقناعة مشتركة إن قلتم حقاً أم باطلاً، وعندها سيعرف الجميع مصير اللعبة الى أين : ببقاء اتحادها أم زواله؟!