علي حسين
كنت أتمنى أن لا أعود إلى الكتابة عن مجلس النواب ، لكن ماذا أفعل ياسادة والبعض من أصحاب الكراسي النيابية لا يزالون يصرون على تحويل قبة البرلمان إلى ساحة للنزال، ففي ظاهرة، ربما تنفرد بها بلاد الرافدين،
يشن رئيس مجلس النواب الحرب على نائبه الأول، ويوجه النائب الأول مدافعه الثقيلة تجاه رئيس المجلس، أما المعركة التي شمّر السيد النائب الأول حسن الكعبي عن ذراعيه من أجلها، فهي ملف المغيبين في هذه البلاد "السعيدة"، فالسيد نائب رئيس البرلمان يصر على أنه: "لا توجد ولا حالة اختفاء قسري ثابتة في العراق، بمعنى لا وجود لأي مغيب داخل البلد وكل ما يذكر من ادعاءات لم يتم إثباتها لحد اللحظة بأي دليل". العبارة التي بين قوسين هي للسيد حسن الكعبي وليست لخادمكم، ويضيف السيد الكعبي أن الكثير: "من الادعاءات السابقة قد تبين بطلانها ولم يثبت أي شيء بل على العكس قد تبين أن جزءاً ممن ادعى ذووهم أنهم مختطفون هم هاربون خارج العراق ومدانون بأحكام قضائية". لو كان المتحدث عالية نصيف أو حتى طيب الذكر مشعان الجبوري لما استغربت، ولكن أن يكون المتحدث نائباً لرئيس السلطة التشريعية قدم نفسه لنا في بداية الدورة البرلمانية باعتباره نصيراً للضعفاء، ورائداً لحرية الرأي والرأي الآخر، ومهموماً بتساؤلات العراقيين، فهذا أمر يثير للعجب.
وقبل أن يتهمني السيد حسن الكعبي بالانحياز إلى النائب ظافر العاني، أحب أن أنبه "سيادته" إلى أنني كتبت في هذا المكان أكثر من مقال أدين به بعض نزوات العاني، وأيضا كتبت وأكتب عن ألاعيب معظم النواب الذين يثيرون المعارك الطائفية.
يدرك السيد نائب رئيس البرلمان أن في هذه البلاد لا يوجد مواطن واحد يمكنه الاعتراض على ما يقوله أصحاب الجاه والسلطان، مثلما لا يوجد مواطن واحد استطاع أن يعثر على أخ أو قريب له اختطف أو غُيب، ويتذكر السيد الكعبي أن موضوع المغيبين، الذي ينكره جملة وتفصيلاً، سبق أن تحدث به رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وبالتحديد في شهر أيار من العام الماضي عندما قال: "من الضروري الكشف عن مصير المخطوفين والمغيبين. وواجب وزارة الداخلية الإسراع في كشف مصير المُغيبين" ، فلماذا لم يعترض السيد حسن الكعبي آنذاك؟!
وأنا أستمع إلى بيان النائب الأول لرئيس البرلمان تذكرت مازن لطيف وتوفيق التميمي وسجاد العراقي ومعهم العشرات من الناشطين لا يعرف أحد مصيرهم، ولا تزال عوائلهم تطرق أبواب المسؤولين، والنتيجة تأتي على لسان نائب رئيس أكبر سلطة تشريعية في العراق وهو يقول: أبناؤكم محتالون هربوا خارج العراق وأنهم مدانون وعليهم تسليم نفسهم إلى القضاء.
حديث السيد حسن الكعبي يكشف لنا أن كارثة العراقيين ومأساتهم أكبر في ظل مزايدات سياسية .