إياد الصالحي
هائمون في مواقع الرياضة بلا حساب، وبعض الشرارات الدولية تُشعل الحرائق، وتلتهم آمال الرياضيين رويداً .. رويداً، من دون أن تُزعج دخاخينها مزاج الراعي الأول ليستاء من المُقصّر ويُنهرهُ أو يبتكر حلاً مع نفسه في عُزلة هَمهَمتهِ تحت غطاء خوفه، لا هذه ولا تلك، عرفناه يتجنّب المحارق، فيما يظلّ الرياضي يترقب السماء لعلّ المطر ينهمر فوق جميع الرؤوس برحمة وعدالة.
ما يحدث في الرياضة العراقية يستحق أن يوثق بأمانة عن مشاكل وأزمات لم تجد حلول الختام لتئدها في حينه، بل يستمر انشغال الرياضيين بها حتى ينسحب تأثيرها على فعّاليات ومؤتمرات وبطولات يدفع العراق ثمنها من سمعته، أمام صمت المسؤول وجنوحه دائماً الى الانزواء لتفادي الصدمات الشخصية إذا ما قرّر التدخّل ومسكِ ملفّ الأزمة والتحقيق فيها بهدف استقرار الرياضة.
منذ أربعة عشر شهراً، واتحاد رفع الأثقال يمارس قتل الوقت بعلم وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية، من خلال المضي في إجراءات الاعتراض على عيّنات فحص المنشّطات الخاصة بالرباعين الثلاثة صفاء راشد وسلوان جاسم وأحمد فاروق عقب مشاركتهم ببطولة فجر الدولية في إيران شباط عام 2020، وتلقى الاتحاد إشعاراً رسمياً من نظيره الدولي بعد شهرين يؤكّد وقوع الربّاعين في المحظور بعد ظهور مواد ممنوعة في تحاليلهم الأولية تخرق اللوائح الخاصة بمكافحة المنشطات، ومع ذلك يصرّ الاتحاد المحلي على عدم الاعتراف بها ليس تهرّباً من عقوبة واقعة لا مُحال، بل بإنتظار ما تُسفر عنه متغيّرات الحراك الانتخابي على مستوى الاتحاد الدولي ربّما تمدُّ له طوق النجاة!
مصدر موثوق أفاد لنا، بأن تواجد محمد حسن جلود بمنصب أمين سر الاتحاد الدولي منذ انتخابات بانكوك يوم الاثنين التاسع والعشرين من أيار 2017 التي نال خلالها ثقة 88 عضو جمعية عمومية من أصل 147 حتى يومنا هذا، يسعى الى تحقيق هدفين، الأول خدمة العراق ودعمه لوجستياً والرجل مشهود له بمواقف وطنية كثيرة في هذا الجانب، والثاني محاولتهِ تجديد الثقة في الانتخابات الدولية، وهنا الأمر ليس سهلاً في حالة صدور عقوبة دولية تجمّد نشاط الاتحاد العراقي والربّاعين الثلاثة ما يُحتّم إبعاده عن الترشيح! ولهذا يحاول جلود تمرير مقترح بتعديل عدد حالات خرق لوائح المنشّطات لتبلغ أربع وليس ثلاث لاسيما توجد سبعة اتحادات في الجمعية العمومية مهدّدة بالعقوبات، في وقت وبّخ توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية نظيره الاتحاد الدولي لرفع الأثقال بتصريح صحفي يوم الخميس الثاني عشر من تشرين الثاني 2020 وهدّده بالاستبعاد عن أولمبياد باريس عام 2024 كونه (يحقّق تقدّماً ضئيلاً في عملية الإصلاح بعد مزاعم الفساد وتعاطي المنشطات) !
برغم أهمية تجديد الثقة بجلود، كعراقي يمتلك التاريخ والكاريزما لتشريف البلد في قمة المسؤولية الدولية، لكن بقاء الاتحاد المحلي بلا وزن بين الاتحادات المُهمّة من ناحية حجم الانشطة لمدة سنة وشهرين، وأمتناعه عن المشاركة في بطولات خارجية دون مبررات واقعية، وضياع زمن طويل على عدم تأهيل فئات عمرية في المسابقات المتنوّعة، أمر لا يقل أهمية هو الآخر! وبرغم ذلك تستمر وزارة الشباب والرياضة بمنح الاتحاد الأموال المخصّصة من وزارة المالية دون أن يُبيّن وزيرها عدنان درجال ما مصير لجنة تقصّي الحقائق التي أمر بها سلفه د.أحمد رياض يوم الخميس السابع من أيار 2020 والتي أكد مدير عام دائرة الطب الرياضي والعلاج الطبيعي في وزارته د.حيدر رحيم وهاب عن مواصلة التحقيق في القضية بالتنسيق مع لجنة إدارة النتائج التابعة لإقليم غربي آسيا لمكافحة المنشطات؟! هل هناك مصلحة ما لضمان صوت الاتحاد في انتخابات اللجنة الأولمبية الوطنية التي جرت بعد ذلك مرّتين في تشرين الثاني 2020 وآذار 2021 مثلما يغمِز بعض أبناء اللعبة؟
ليخرج الوزير درجال ببيان يوضّح أسباب غلقه باب الحل أمام بعض أبطال رفع الاثقال الذين قدّموا له ملف خروق الاتحاد في قضية قاعة التدريب الوحيدة التي سُلّمت لمستثمر من دون موافقات رسمية مع وثائق مكتوبة ومرئية، وكذلك عن سرّ المماطلة في ملف المنشطات وعدم تشكيل هيئة مؤقتة تدير شؤون اللعبة حتى ينجلي الموقف الدولي نحو العراق؟ لماذا لم ينظر فيها ويستدعي الطرف الآخر (الاتحاد) ليقف على المُعضلة ربّما الأخير بريء ممّا يزعمون، وكيف يطلب منهم التوجّه الى المحكمة كونه لا يمتلك صلاحية التدخل؟!
أية رياضة هذه لا يُمارس واليها الحُكم الرشيد ويترك نيران صراع أبنائها تدمّر مساحة السلام والوئام والاحترام بين صغيرهم وكبيرهم أمام نظرات محايدة ومشاعر بليدة؟!