علي حسين
منذ أعوام وأنا مثل جميع العراقيين نتابع قفزات السياسيين من قناة إلى اخرى، ومثل كثير من العراقيين اتابع كيف تتحول هذه البرامج إلى نكات من النوع الثقيل، ولم أكن أدري أنّ تضحيات المواطن العراقي ستنتهي إلى عرض برامج "توك شو" يظهر فيها سياسيون ومسؤولون يتحدثون عن النزاهة والعدالة والإعمار والتنمية! ،
في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة الفقر الى 40 بالمئة ، والبطالة العراقية دخلت موسوعة غينيس ، والاموال المنهوبة يمكن لها ان تبني عشرة بلدان ،ولكثرة ما شاهدتُ في الفضائيات من برامج تروّج لمنظمة الضحك على المواطن، وتقدم حوارات لا تصلح للاستهلاك البشري، مشكلتها انها تحاول ابتزاز عواطف الناس إلى أقصى مستوياتها، يحدث أن تجد بعضا من السياسيين والمسؤولين يظهر دامع العينين وهو يتغنى بحب العراق ، في الوقت نفسه يحول العراق الى شركة مساهمة ، ولاننا فيزمن الكوميديا ستساهم مواقع التواصل الاجتماعي في إشاعة السخرية، وكان آخرها ما اتحفنا به السيد أحمد الملا طلال الذي تحول من مقدم برامج إلى ناطق باسم الحكومة، ثم إلى معارض للحكومة، حيث أخبرنا ، أن لديه مستحقات غير مدفوعة من مكتب رئيس الوزراء بقيمة 500 ألف دينار عراقي. وكتب على حسابه في تويتر: "لم أستلم من الدولة ديناراً واحداً طيلة الخمسة أشهر التي عملت بها، بل أطلب مكتب رئيس الوزراء 500 ألف دينار ، أعطيتهن لمواطن محتاج .
السخرية فن تنشيط الذاكرة، كما يخبرنا صاحب كتاب الضحك هنري برجسون، لكننا نعيش للأسف مع شخصيات لا تطيق السخرية إلا على المواطن المسكين . لكن السيد احمد الملا طلال سوف يظل يصطاد الضحكات منا ويتحدى أن يقلده أحد
في معظم بلدان العالم توفر السياسة مادة دائمة للساخرين، وقديماً كان نوري السعيد يضحك كلما شاهد كاريكاتيراً له مرسوماً على غلاف مجلة الوادي، أو كلما قرأ الملك فيصل الأول مقالة تسخر من سياسته يكتبها موسى الشابندر بتوقيع علوان أبو شرارة، ويخبرنا الشابندر في سيرته ذكريات بغدادية: "وجدت الملك فيصل واقفاً، فسلمت وصافحت جلالته وهو يقول: إنت موسى لو علوان أبو شرارة؟.. أنا أريد ألوي ذراع علوان أبو شرارة.. وأرحب بموسى"!.
إحدى حسنات السياسي العراقي أنه حرك في العراقيين، حاسة الضحك والتنكيت وتحويل مسلسل "عائلة الكربولي" إلى مسلسل نكات يومية على ما يجري من مهازل.
المسافة هنا بين "الهزل" و"الجد"، قصيرة إلى حد لا تعرف هل هذا الحديث "سخرية" منا نحن المتابعين، أم "مجرد تغريدة يريد فيها السيد أحمد الملا طلال استرجاع 500 ألف دينار منحها لمواطن محتاج ، فقد اكتشف ان الحكومة لم تسلمه صندوق الزكاة .