علي حسين
أخيراً، أخبرتنا لجنة تحقيقية أن العراق صرف على الكهرباء منذ عام 2005 وحتى عام 2019 أكثر من 81 مليار دولار، عداً ونقداً، وبشرتنا وزارة التخطيط أن أكثر المدن فقراً في العراق هي محافظة المثنى،
وكنت قد كتبت في هذا المكان عن المشاريع الاستثمارية التي قدمتها بعض دول الخليج لتنفيذها في محافظة المثنى، لكن قوى سياسية زمجرت وغضبت واعتبرت هذه الاستثمارات محاولة للاستيلاء على الاقتصاد العراقي، بينما الحقيقة تقول إن هذه المشاريع لم تحظ بموافقة الجارة إيران، وتبشرنا وزارة التخطيط بأن أكثر المحافظات التي تضم أعداد الفقراء هي بغداد، تليها نينوى.
ما الجديد في هذه التقارير؟ لا شيء، سرقة بوضح النهار، مجموعة من كبار المسؤولين يتآمرون لنهب الأخضر واليابس، فإذا هبطت أسعار النفط، وشح المال غادروا مناصبهم وتحوَّلوا إلى أصحاب ثروات فلكية، لا أعتقد أنني بحاجة إلى أن أعيد على مسامعكم أسماء السادة "النهاب"؟ ولكني ساحيلكم إلى خبر يقول إن مصر، اعلنت عن استعدادها لتصدير الكهرباء إلى ليبيا والسودان والأردن والعراق، وإن لديها فائض يكفي لماتحتاجه هذه البلدان.. وكانت مصر تعاني عام 2011 من أزمة كهرباء حادة، لكنها استطاعت وبمبلغ 6 مليارات دولار فقط ، بناء ثلاث محطات كبرى للكهرباء تغطي احتياجات أكثر من 40 مليون مواطن.
عندما يستسهل المسؤول الكبير، السرقة والنهب وإثارة الفتنة الطائفية، يصبح كل شيء آخر بسيطاً أو مبسطاً. كالسطو على مال الغير وبث الفساد في مؤسسات الدولة .
والآن اسمحوا لي أن أصدع رؤوسكم بحكاية حسين الشهرستاني الذي أخبرنا عام 2008، أنه سيصدر الكهرباء للصين، وإذا بنا بعد أن سُرق 81 مليار دولار عداً ونقداً، نستدين الطاقة الكهربائية من إيران وبالتقسيط.
ولأن العشوائية هي المتحكم الرئيس في كل حياتنا فيصعب أن نعثر على رقم واحد وحقيقي للمبالغ التي صرفت على الكهرباء، فاللعب بالأرقام سياسة حكومية مستمرة منذ أن أقسم السيد الشهرستاني بأنه سيجعل العراق في مقدمة البلدان المصدرة للنفط وأطلق تصريحه الشهير عن ثمار الزيادة في صادرات النفط،، ثم طور السيد المالكي الأمر بأن قال "إن العراقيين يعيشون أزهى عصورهم"، طبعاً الفقراء في العراق لا يشغلهم كم تبلغ نسبة النمو، وهل زاد العجز أم حدث انكماش، ولا تشغلهم تعبيرات الشهرستاني عن ثمار التنمية، كل ما يشغلهم عجزهم الشخصي عن تلبية احتياجات أسرهم، وأن يملكوا مالا كي يروا ثمار التنمية في سكن صحي وكهرباء مستقرة ومستقبل آمن لأبنائهم.
والآن هل تريد أن تسأل مثل جنابي : هل كثير على هذا الشعب المسكين أن يسمع أو يقرأ أن الشهرستاني ومن معه سيقدمون إلى المحاكمة بتهمة الضحك على عقول العراقيين؟ .