ستار كاووش
تكلم الكثير من الفلاسفة والباحثين والأطباء والمحللين النفسيين عن الفائدة التي يجنيها الإنسان حين يضحك أو يرسم الابتسامة على وجهه، وكيف أن هذا يجعل الحياة تمضي بشكل أفضل، لكن رغم ذلك تفاوتت استجابات الناس لهذا الموضوع، حتى أن الكثيرين قد استهجنوا الضحك، وقرروا أن لا تمرُّ الابتسامة على ملامحهم المتجهمة، مهما حدث!
الابتسامة هي جواز سفرنا لقلوب الآخرين، هي المفتاح الذي نفتح به أبواب النفوس وخبايا شخصيات الناس الذين نقابلهم، هي مرآة النفس البشرية التي تظهر الجوانب الإيجابية في شخصياتنا نحو ناس نعرفهم أو حتى لا تربطنا بهم أية صلة، الابتسامة، وردة الروح وعطر المشاعر، وهي سهلة، غير مكلفة وتمنحك محبة الآخرين، بالاضافة الى أنها تحرك الكثير من عضلات الوجة غير المستخدمة. نعم أؤكد لكم أن هناك الكثير من الناس لا يعرفون معنى الابتسامة أبداً، سواء عند التواصل مع شخص غريب أو لقاء إنسان قريب، ويتمد الأمر حتى عند مقابلة الحصول على عمل!
كسب الآخرين وتقاسم الأشياء الجميلة معهم لا يأتي عفو الخاطر، بل عن طريق استعدادك الشخصي وطريقة تعاملك معهم، وكل شيء يمكن تنميته وتطويره، بل وصناعته أيضاً، والتواصل الجيد مع الناس يتعلق بحلولك الشخصية وحضورك الفردي، والوجه الذي لا تزوره الابتسامة يذوي ويذبل مثل زهرة لا يصلها الماء، فلا التجهم يمنحنا محبة الآخرين ولا الغطرسة تُظهر قوة شخصياتنا، فكل تعالٍ هو اصطناع وكل تقطيب يوسع المسافة التي بيننا وبين الآخرين، وحتى الصداقة تحتاج الى أن نسقيها كي تدوم. فعلينا أن نغتنم الفرصة ونزيح هذا الستار الداكن، والأمر لا يكلف شيئاً سوى أن نبتسم بوجوه الأقرباء... وحتى الغرباء، عندها سيقابلوننا بذات الابتسامة... وهذا أكيد.
وكي لا أكون بياع كلام، أجِلْتُ النظر في لوحاتي وتأملتها جيداً فرأيت أني لم أرسم شخصيات متجهمة أو بملامح عابسة، وكل لوحاتي تظهر ابتسامة من نوع ما، إبتسامة تعكس شخصيتي الحقيقية التي أُريدُ لها أن تبقى هكذا الى الأبد. هذا هو السر، ابتسم لتبقى روحك طفلة وتبقى شخصيتك شابة متطلعة لمحبة الآخرين. وإن أردتَ أن تنجح في المهمة التي أنت ذاهب بصددها، فما عليك سوى أن تفتح أسارير وجهك بعد أن تضيف لملامحك إبتسامة طيبة، عندها سَتُلَبى كل طلباتك تقريباً، فجانب كبير من النجاح هو أن تحقق غاياتك الجميلة، أليس كذلك؟ الابتسامة هي المفتاح، وهي السر الذي يجعل الآخرين يتفقون معك في الرؤيا ويقفون بجانبك ثم يمضون مع خطواتك، أما إن أضفتَ لذلك شيئاً من مواهبك الشخصية التي تحملها واستعداداتك الذاتية، فالطريق سيكون أكثر سهولة للوصول الى مرفأ مناسب.
تعودتُ طوال حياتي أن أجعل الابتسامة هي الواجهة التي أطل منها على الناس، حتى لو نسيت ذلك أحياناً وأنا أسيرُ في الشارع، فهي تعود وترتسم على وجهي من جديد حال مشاهدتي شخصاً قادماً ناحيتي، عندها يقابلني الشخص القادم بشكل أكيد بوجه مريح ونلقي التحية على بعضنا، أعظم هبة تمنحها للناس هي أن تبتسم في وجوههم، إنها عطاء لا يكلف سوى نفس راضية وروح متسامحة. عندها ستحصل على شكر من نوع ما، وإمتنان مرسوم على وجوه من تقابلهم.
أَمضي أحياناً نحو غاليري، وأدخل بإبتسامة عفوية غير مصطنعة ولا بلهاء، إبتسامة فيها ثقة وطمأنينة، عندها تنفتح أسارير صاحب الغاليري ويستقبلني حتى لو كان منشغلاً. فبدلاً من أن ننفخُ أنفسنا مثل البالونات ونواجه الناس بوجوه متجهمة ونحن نرتدي جدية مصطنعة، لنسترخِ ونصنع أياماً جميلة لنا ولمن معنا أيضاً، فنحن كلنا نستحق هذا فعلاً.
تبقى الابتسامة نوع من التفاهم مع الآخرين، وهي بمثابة هدنة تكبح الأفكار السلبية المسَبَّقة، بل هي تحية مليئة بروح التسامح والغفران.