TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ضجة هابرماس

العمود الثامن: ضجة هابرماس

نشر في: 4 مايو, 2021: 10:42 م

 علي حسين

في مسرحيته الشهيرة "ضجة فارغة" يخلط المسرحي الإنكليزي وليام شكسبير الجِد بالفكاهة، ويحاول أن يمزج بين المتناقضات في مسرحية توصف بأنها واحدة من أفضل كوميديات شكسبير،

الضجة الفارغة التي سخر منها شكسبير لا تزال تلازم الكثير من الذين يتخذون من الثقافة والإعلام وسيلة لقلب الحقائق، وكان آخر مشهد لمسرحية الضجة الفارغة هو مشهد السخرية الجوائز الثقافية العربية والتي اعتبرها البعضإهانة لشرف الثقافة العربية، من دون أن يخبرنا أصحاب حملة "شرف الثقافة" هل دعم الكتاب العربي يعد إهانة لشرف الثقافة؟، هل تكريم الأدباء والمفكرين أصبح جريمة نكراء ؟ وأن شرف الثقافة العربية أصبح "زي عود الكبريت" مع الاعتذار للراحل يوسف وهبي؟، وأن هذا الـ " شرف " الرفيع لا يسلم من الأذى، حتى يُراق على جوانبه حبر الانتهازية وقلب الحقائق؟.

ماجرى منذ يومين حول رفض الفيلسوف الألماني يوهان هابرماس لجائزة الشيخ زايد، أمر مثير للضحك، فالذين طالبوا المثقفين العرب بأن يتخذوا من هابرماس نموذجاً للشجاعة وقوة الكلمة، فاتهم أن آخر رجال مدرسة فرانكفورت النقدية لا يزال يعتبر نضال الشعب الفلسطيني نوعاً من أنواع الإرهاب بعد أن جرده من بعده الوطني، فهو لا يعتبر القضية الفلسطينية جزءاً من حركات التحرر الوطني التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين، كما أنه لا يرى ضرورة لأن يكون للفلسطينيين دولة. ويذهب هابرماس أشواطاً بعيدة في الدفاع عن إسرائيل عندما أيد عام 1991 الحرب التي شنها بوش الأب على العراق، ولم يكن هابرماس في موقفه هذا مدافعاً عن الكويت، وإنما اعتبر هذه الحرب والقضاء على القوة العسكرية العراقية ضرورة ملحة لحماية أمن إسرائيل.

في الضجة الفارغة التي أثيرت حول رفض هابرماس للجائزة كان هناك من تغنى بالبيان الذي أصدره الفيلسوف الألماني، ولم ينتبه أصحاب الدفاع عن "شرف الثقافة" إلى أن صاحب نظرية الفعل التواصلي لم يشرح لنا لماذا قبل الجائزة في البداية ؟، ولماذا رفضها بعد أشهر؟، وهل يعقل أن فيلسوفاً باهمية هابرماس ومكانته لم يكن يعرف شيئاً عن الجائزة والمؤسسة التي تمنحها؟.

لست في وارد الإساءة لموقف هابرماس، فقد كتبت عنه وعن فلسفته أكثر من مقال، وما زلت أؤمن أن فيلسوف النظرية النقدية التواصلية، يسعى في كل كتاباته الى ان يجعل من الفلسفة دليلاً هادياً في علاقتنا بأنفسنا، وبرفاقنا من البشر.

هناك "معارك" أدبية كثيرة في التاريخ، لكننا هنا أمام ضجة فارغة، فالقائمين على الجائزة احترموا قرار هابرماس، فيما شحذ دعاة " شرف " الثقافة سكاكينهم للطعن بشخصيات فكرية مثل عبد الله العروي وأمين معلوف وسلمى الجيوسي ومحمد شحرور وعباس بيضون وثروت عكاشة ، لانهم كانوا قد تسلموا الجائزة.، في صراع المصالح والخصومات يتحول البعض إلى كومبارس في مسرحية كوميدية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram