ذي قار / حسين العامل
في الوقت الذي كشفت فيه السلطة القضائية عن 1200 دعوى قضائية مقامة ضد المتظاهرين في ذي قار وأن الهيئة القضائية المختصة ماضية بإكمال الإجراءات التحقيقية بالشكل الذي رسمه القانون، أشار ناشطون الى أكثـر من 700 دعوى قضائية مقابلة أقامتها أسر شهداء التظاهرات وضحايا قمع المتظاهرين ولم تُحسم من قبل محاكم ذي قار رغم مرور عام ونصف العام على اندلاع التظاهرات وارتكاب أعمال العنف ضد المتظاهرين.
وشهدت تظاهرات محافظة ذي قار التي تواصلت لأكثر من عام ونصف العام سقوط 131 شهيداً وأكثر من خمسة آلاف مصاب جراء استخدام العنف المفرط والقنابل الدخانية والرصاص الحي ناهيك عن الهجمات المسلحة التي تقوم بها المليشيات والفصائل المسلحة التي تستهدف تجمعات وميادين اعتصام المتظاهرين في ساحة الحبوبي وغيرها.
وذكر بيان للقضاء العراقي صدر عقب لقاء ممثلة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العراق دانييلا بيل مع رئيس محكمة استئناف ذي قار القاضي محمد حيدر واطلعت عليه المدى أن "الطرفين بحثا القضايا المتعلقة بالمتظاهرين، حيث أكد رئيس الاستئناف بأنها قد تجاوزت (1200) دعوى، مضيفاً أن " الهيئة القضائية المختصة بالنظر في هذه القضايا ماضية بإكمال الإجراءات التحقيقية بالشكل الذي رسمه القانون".
وعن القضايا المقامة من قبل المتظاهرين وأسر شهداء التظاهرات ضد عناصر وضباط القوات الأمنية أشار البيان الى أن "الإجراءات التحقيقية مقيدة بما نصت عليه المادة (111) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الأمن الداخلي رقم (17) لسنة 2008 والقاضية بعدم جواز تبليغ رجل الشرطة أو تكليفه بالحضور أو إلقاء القبض عليه إلا بموافقة الوزير أو من يخوله إذا كان الفعل قد ارتكب أثناء أداء واجبه".
وعن مصير المتظاهرين المعتقلين ذكر القضاء العراقي أن " جميع المتظاهرين السلميين الملقى القبض عليهم قد تم إخلاء سبيلهم، أما من توفرت ضده أدلة بارتكاب أفعال جرّمها القانون فإن ذلك يقتضي إحالة دعاواهم إلى المحاكم المختصة لإجراء محاكمتهم وصولاً إلى الحكم العادل والضامن لحقوق جميع أطراف الدعوى".
وكانت ممثلة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العراق قد زارت محافظة ذي قار مؤخراً للاطلاع ميدانياً على واقع حقوق الإنسان في المحافظة ولاسيما المتعلق منها بقضايا المتظاهرين ، إذ التقت بعدد من المتظاهرين المعنفين وأُسر الشهداء ومحافظ ذي قار ورئيس محكمة استئناف ذي قار وعدد من القادة الأمنيين.
ويرى العديد من المحتجين أن " الحكومة والقضاء باتوا يتعاملون مع قضايا المتظاهرين بانتقائية واضحة فهم يعجلون بإجراءات اعتقال المتظاهرين حين تكون الشكوى ضد المتظاهرين ويتباطؤون ويسوفون بالإجراءات عندما يتعلق الأمر بحقوق الضحية ".
وقال الناشط المدني هشام السومري للمدى إن "أسر شهداء التظاهرات والجرحى والمصابين من ضحايا قمع التظاهرات رفعوا أكثر من 700 دعوى قضائية أمام محاكم ذي قار ضد عناصر وضباط من القوات الأمنية وعناصر ميليشاوية تتبع الأحزاب "، وأردف "إلا أن جُل تلك القضايا لم تُحسم رغم مرور أكثر من عام ونصف على اندلاع التظاهرات وقمعها ".
وأشار السومري الذي تعرض قبل عدة أشهر للتعذيب على يد عناصر من القوات الأمنية والتقى بممثلة الأمم المتحدة لهذا الغرض الى أن "الجهات القضائية ادعت عند لقائها مع ممثلي المتظاهرين إنها تصدر أوامر قبض على المتهمين بتلك القضايا إلا أن الجهات التنفيذية لا تنفذ تلك الأوامر"، مشيراً الى أن "ملف قضايا المتظاهرين بات خاضعاً للإرادات السياسية التي لا ترغب بفتحه كونه يطيح بالأحزاب المتنفذة والفصائل المسلحة المتورطة في قمع التظاهرات وقتل المتظاهرين".
وأوضح الناشط المدني أن "القضايا المتعلقة بالعنف ضد المتظاهرين والبالغة 703 قضايا لم يُستدعَ للتحقيق فيها إلا سبعة متهمين من صغار الضباط والمنتسبين فيما لا زال عشرات الضباط الكبار والقادة الأمنيين ومدراء الشرطة وأمراء الأفواج بمنأى عن المساءلة القانونية"، مؤكداً أن " أسر الشهداء وضحايا القمع قدموا الكثير من الأدلة التي تدين المتهمين بتلك القضايا".
وأشار السومري الى أن " القوات والأجهزة الأمنية تقوم بتنفيذ أوامر القبض في الدعاوى المقامة ضد المتظاهرين خلال بضعة ساعات حتى وإن كانت تلك الدعاوى كيدية، في حين لا تحرك ساكناً اتجاه قتلة المتظاهرين الذين لازالوا يسرحون ويمرحون ولم يجرؤ أحد على اعتقالهم طوال عام ونصف العام".
وشدّد السومري على ضرورة محاسبة قتلة المتظاهرين وإبطال الدعاوى الكيدية التي أقامتها الجهات الحكومية وأتباع الأحزاب ضد المتظاهرين.
وفي ردّه على سؤال وجهته المدى حول مدى اهتمام الحكومة المحلية الجديدة بقضايا العنف ضد المتظاهرين قال الناطق الإعلامي باسم محافظ ذي قار ماجد السفاح خلال مؤتمر صحفي حضرته المدى إن " محافظ ذي قار أحمد غني الخفاجي وجّه مؤخراً بإعادة تشكيل اللجان التحقيقية الخاصة بالقضايا المذكورة وذلك بالاتفاق مع ذوي شهداء التظاهرات "، منوهاً الى أن "نتائج التحقيقات سوف تظهر خلال الأيام القليلة القادمة".
وأشار السفاح الى أن "عدداً من عناصر الشرطة والضبّاط جرى استدعاؤهم الى العاصمة بغداد لغرض التحقيق معهم بشأن قضايا تخص قمع وقتل المتظاهرين"، مبيناً أن "حسم عدد من القضايا مرتبط بموافقة جهات خاصة في العاصمة بغداد وقد تم بحث هذا الأمر مع ممثلة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العراق دانيل بيل خلال زيارتها للمحافظة وذلك من أجل التحرّك على حكومة المركز في هذا المجال".
وكشف الناطق الإعلامي أن "المبعوثة الأممية ناقشت بشكل مفصل هذا الملف مع محافظ ذي قار وطرحت عدة أسماء تخص ضحايا العنف والاختطاف بينهم الناشط المختطف سجاد العراقي وغيره من الناشطين والمتظاهرين.