علي حسين
أسوأ علامات الحال في عراق اليوم، سيطرة السذاجة على مجمل أحوالنا، وظهور الفاشل والانتهازي. قبل أيام كنت كالعادة أتابع البرامج السياسية، حين وجدت " محبوب الجماهير " محمود المشهداني يعلن على الملأ، أن الذين ينتقدون وزير الصحة السابق حسن التميمي،
إنما يغارون من إنجازاته، هذا أولاً، أما الثانياً فهو حسب رأي المشهداني أفضل وزير في تاريخ الدولة العراقية منذ تأسيسها، والمصيبة الثالثة قالها المشهداني دامعاً إنه وأهل بيته جميعاً صرخوا ولطموا عندما أعلن حسن التميمي استقالته. ظل شاعرنا الرصافي يسخر من الذين يحاولون احتقار وعي الناس، بدلاً من أن يشاركونهم همومهم وآلامهم وأفراحهم.
هل هناك مزيد من مثل هذه التصريحات؟، بالتأكيد، فالمشهداني لا يريد أن يغادر المشهد، حيث أخبرنا أن وزير خارجية إيران طلب من المشهداني ورفاقه أن يدعموا المفاوضات الإيرانية – الأمريكية حول الملف النووي.
من أين يأتي العبث إذن؟ هل من شعارات الموت لأميركا، أم من انتظار ان تتصالح امريكا مع طهران ، لنرفع صور بايدن في الساحات ؟، سيرد البعض من رافعي شعار "الانبطاح": يارجل أنت تهرف بما لا تعرف، أنت حتماً تناصب الزعيم محمود المشهداني العداء لأنه وضع يديه في عجين المفاوضات الامريكية – الايرانية .
عندما شاهد الأميركي روبرت أوبنهايمر صانع القنبلة الذرية، ماذا فعل اختراعه بأهالي هيروشيما وقف أمام المايكروفونات مطاطئاً الرأس وهو يكرر "هل يعقل أن أصبح أنا الموت؟"، كان أمام اليابان التي أصبحت فأراً لتجارب أوبنهايمر وفريقه، أن تصبح مثل كوريا الشمالية قوة نووية وشعباً يبحث عن المساعدات، أو أن تقدم نموذجاً جديداً لا مكان فيه لمفاوضات الاتفاق النووي وشعارات الموت للأعداء .
هل ربحت إيران الجولة؟، أنا من جانبي أشك رغم كل محاولات بعض ساستنا من تحسين صورة بايدن ، الذي يبدو متحمسا ان يترك افغانستان لارهاب طالبان
طبعا لا أحد يمكن له أن يصادر حق ايران في ان تدافع عن مصالحها القومية، ولا اعتقد ان مهمتنا الانتقاص من مفاوضات الملف النووي ، ولكنني أسأل ساستنا الافاضل، لماذا يرتضون ان يلعبوا دوما دور التابع؟ ولماذا تظهر العقوق ونكران الجميل للعراق فقط؟
لا يهم. سوف نعرف في المستقبل، فالآن نحن منقسمون البعض منا يصفق لبايدن والآخر يتحسر على ترامب ، هل سنظل غارقين في القضايا الكبرى، كالعلاقة المستقبلية بين طهران وواشنطن؟ أم سندخل عصر القضايا البسيطة، كتوفير الامن والامان، وفرص العمل لالاف العاطلين؟ دعونا من خرافة الاستثمار والبناء.
اليوم فجأة نرى أمامنا ساسة يخافون الحديث عن التوغل التركي ومشروع القواعد العسكرية التركية داخل العراق ، ونرى اليد الايرانية في العجين العراقي، كما نرى أن تركيا التي تحاول ان تتجاهلنا، تصر على ان لا ترحل قواتها عن حدودنا إلى أي مكان آخر.