علي حسين
منذ انطلاق تظاهرات تشرين وأحزاب السلطة تريد أن تؤكد للعالم بأن الذي سرق البلاد وخربها وأشاع الطائفية والمحاصصة وباع المناصب إنما هم العراقيون الذين تظاهروا في ساحات الوطن ، وأن تحرير العراق من الناشطين بات مقدماً على تحرير العراق من الفساد والانتهازية.
في ظل نظام سياسي اعتقد المواطن المغلوب على أمره مثل جنابي أنه ديمقراطي، وفي ظل مؤسسات أمنية كان يفترض أنها في خدمة الشعب، مازال البعض يعتقد بأنه يحمل تراخيص لإذلال الناس وقتلهم وتهجيرهم.
اليوم ونحن نقرأ خبر اغتيال الناشط إيهاب الوزني، فإننا نجد أنفسنا أمام عملية ممنهجة للاستمرار في ترسيخ ممارسات التسلط على الناس. في هذه البلاد المغلوبة على أمرها جرت وقائع وأحداث كثيرة أعادت إلى الأذهان أساليب القتل والخطف التي تمارسها الحكومات المستبدة، سيقول البعض إن هذه حالات فردية متناثرة هنا وهناك، ونقول إنها رسائل رعب أرسلتها جهات متنفذة تملك، المال، والسلاح، والسلطة، لكل من يختلف مع منهجها التخريبي، ولهذا لن يكون مفاجئاً أو غريباً ان تسجل جريمة اغتيال إيهاب الوزني ضد مجهول، مثل معظم، بل كلّ الكوارث التي تصيب هذا الشعب وتسجل ضد السيد مجهول، لا جديد في الأمر سوى اختلاف صفة المجهول، مرّة عبوة ناسفة لا تُرها القوات الأمنية بالعين المجرّدة، ومرّات أخرى مليارات نُهبت وحُوّلت إلى بنوك دول الجوار، ومرات كثيرة دراجات تسرح وتمرح لتمارس مهمة قنص الناشطين.
اليوم علينا جميعاً إدراك أن لا استقرار لوطن يمارس فيه الجلاد وظيفته بقوة السلطة والنفوذ، وعلينا أن نقولها مرة ومرتين وإلى ما لا نهاية، إن الجلادين ومن يقوم بحمايتهم يجب أن لا يفلتوا من قبضة القانون، وعلينا أن ندرك جميعاً أن لاعدالة مع مثل هكذا افعال، ولا استقرار مع قوانين تغض الطرف عن القاتل والسارق ، ولا مستقبل لبلاد يقودها مسؤولون يرون الجريمة وينكرونها وكأنها لم تحدث.
ليس هناك قدر يحتم على البشر أن يتحولوا إلى ضحايا لوحوش بشرية، لكن أنظمة القمع والاستبداد هي التي تصر على أن نبقى أسرى لبيانات مضحكة، تتحدث عن القصاص، ودور القضاء.
في عصر الفضائيات و"العالم قرية صغيرة" وثورة مواقع التواصل الاجتماعي، لا يعرف أحد في بلاد الرافدين من هي الجهات التي تطلق الرصاص بكل حرية، والآن أيها السادة: هل أنتم سعداء لأن البرلمان ينوي ان يصدر بيان استنكار ، ويطالب بالسيادة " المضحكة" .
لا خلاف على أن الوضع الراهن مؤلم ومخجل ، لكن هل يكون المخرج هو ان يتنازل هذا الشعب عن حقه في العيش بكرامة ومن دون خوف ؟ السؤال بصيغة أخرى: هل العيش بأمان يتطلب التنازل للقتلة، ورفع الراية البيضاء ؟