علي حسين
صديق عزيز انزعج من تعليقي حول صورة إسماعيل هنية في الدوحة، بينما أطفال غزة يعانون تحت القصف الوحشي للاحتلال الإسرائيلي، الصديق الذي يبدو متحمساً، أخذ يقارن بين تجربة المقاومة الفيتنامية، وتجربة حماس،
ولأنني هنا لست في وارد الإساءة لأحد أو الانتقاص من نضال الشعب الفلسطيني الذي قدم عبر عقود أروع صور الصمود والدفاع عن أرضه، لكنني ياسادة ياكرام لا أفهم كيف يتسنى لقائد سياسي بلاده تخوض حرباً، راح ضحيتها المئات، أن يظهرفي الفضائيات ، وهو يجلس في سيارة مارسيدس آخر موديل ويلوح بشارة النصر ، ليس من غزة وانما من شوارع الدوحة .
كان وزير الدفاع الفيتنامي الجنرال جياب يُعطي للعالم انطباعا بأنه رجل مكفهر صعب المراس، فيما يخبرنا كاتب سيرته أن العسكري الذي لقّن الأمريكان أقسى دروس الهزيمة، كان مازحاً ساخراً يلجأ إلى الدعابة في أحلك الأوقات.. ويصر على ان يستقبل مراسلة مجلة تايم الأمريكية أثناء الحرب الفيتنامية. وذات مرة أبلغها وهو يضحك: " أننا لسنا أقوياء لإخراج نصف مليون جندي أميركي من البلاد، لكننا نريد كسر شوكة الحكومة الأميركية عبر استخدام قوتنا البشرية الصغيرة في مواجهة آلة حرب عملاقة.
في ذروة الدفاع عن النفس البشرية وحريتها، يتحول كل شيء إلى تصميم في مواجهة العدو الطاغي. يصل بطل رواية الساعة الخامسة والعشرين إلى قريته لحضور جنازة شقيقه الذي مات تحت التعذيب، والشعور الوحيد الذي يهدَّه هو القهر والحاجة إلى العدل، إلى أن يذكِّره زميل له "بأن المشكلة الكبرى التي نواجهها أننا لا نُعطى سوى حياة واحدة".
عن هذه الحياة الواحدة يقول جياب في سيرته التي ترجم مقتطفات منها للعربية الراحل كامل زهيري: " من يريد أن ينتصر في معركة الحياة عليه أن يدرس تاريخ وطنه جيدا.. أن يعرف كل شيء عنه، أن يحفظ آدابه وحكمه.، ان يكون قريبا من الناس في افراحهم وألامهم ، فالمستقبل سباق وبقاء، مع الناجحين لا مع الخاملين. سباق نحو المراتب الأولى. والخاسر، من سينقرض في النهاية."
خاضت فيتنام حرباً شرسة ضد الأميركان راح ضحيتها مئات الآلاف، وماتزال صور المآسي تحتفظ بها هانوي في متاحف خاصة، فيما تعجّ العاصمة الفيتنامية اليوم بالسيّاح الأميركيين والاستثمارات الأجنبية، وعادت سايغون مدينة تفتح ذراعيها للجميع، لكنها لا تنسى أن تحتفل بذكرى أبطالها الذين صنعوا لها المستقبل.
كان مراسلو الصحف في سايغون يرسلون التقارير التي تؤكد أن مقاتلي الفيتكونغ قد أبيدوا وأحرقت غاباتهم وبيوتهم. ثم بعد أيام يظهر جياب مبتسما يحيط به جنوده وهو أقوى من قبل، يقول لإحدى المراسلات مداعباً:"لم يعد هناك شيء اسمه الدفاع عن الوطن، لأن كلاً منا صار اسمه فيتنام ".
جميع التعليقات 2
عدي باش
أثناء زيارة الجنرال جياب لأحد العواصم العربية التي تتواجد فيها الفصائل الفلسطينية ، فلما شاهد مظاهر البذخ والرفاهية
عدي باش
التي يعيشها قادة تلك الفصائل ، قال : من الصعب أن تنتصر ثورتكم ، لأن الثورة و الثروة لا يلتقيان !!!