علي حسين
أحب ساخر بريطانيا جورج برنارد شو إحدى قريباته، لكنها لم تبادله الحب، ويقال إن جميع النساء اللواتي أحبهن كن من النوع الذي لا يطيق شيئين، سخريته الحادة، وهيئته الرثة، فالمرة الوحيدة التي ارتدى بها بدلة أنيقة، كانت في حفل تكريم صديقه شارلي شابلن.
كان برنارد شو في السبعين من عمره، عندما كتب مسرحيته الشهيرة "تابع الشيطان" في ذلك الحين كان يوزع سخرياته على الجميع، لكنه بالمقابل كان يكدس لتاريخ البشرية ثروات ثقافية وانسانية اكثر قيمة من كل كنوز الدنيا ، يحذرنا برنارد شو في معظم اعماله وخطاباته من الألاعيب التي ترافق أصحاب السلطة، ومن المعارك التي تجري بأوامر من رجال يفتقرون إلى الكثير من الحكمة، ويعلمنا أن الإنسان يتحول في ظل التعاليم الجاهلة إلى جزء من آلة، ينفذ من دون تفكير، يسير ويقوم وينام من دون نقاش، لا نهاره له ولا غده ملك لأبنائه.
وذات يوم كتب مقالا يسخر فيه من تشرشل الذي قدم قانوناً للبرلمان يمنح مكافآت وإعفاءات ضريبية، لكل بريطاني يغسل واجهة بيته، وكان عنوان المقال: من ينظف سخام القلوب ياعزيزي .
أمضى ساستنا 18 عاماً يجلسون على الكراسي وهم يعلنون للعالم نظرية جديدة خلاصتها: "إن الديموقراطية لا تعني محاسبة الفاسد والسارق"، أرجو أن لا يظن أحد أنني أحاول أن أعود في كل مرة إلى سيرة "بناة الديمقراطية العراقية الحديثة" وأن جعبتي خلت من الحكايات، إلا حكاية أصحاب الشعارات، ولكنني أيها السادة أحاول القول إنه لا شيء يحمي الدول من الخراب، سوى مسؤولين صادقين، في العمل وفي الاعتراف بالخطأ، وإلا ما معنى أن يخرج علينا مسؤول كبير "متانقاً ومتعطراً" ليقول لنا إن الفساد سرق من جيوب العراقيين ألف مليار دولار عداً ونقداً، لكنه يرفض ان يدلنا على هؤلاء الذين هربوا مئات المليارات خارج العراق، فيما مسؤول آخر كبير "ارتدى السدارة" من أجل أن يردد مع عزيز علي أن باب البلاد "مفلش مهدم والحرامية تحوف" وأيضا لم يذكر لنا من هم هؤلاء الحرامية الذين سرقوا بستان العراق.
كل يوم يتطلع مواطن مسكين مثل "جنابي" حوله، فيرى كيف تمرر القوانين والمشاريع والتعيينات، وكيف وضع "الوزير" الخطأ في المكان الخطأ، وشعر أن الدولة سوف تنهار، ليس في الخلاف على الرؤية الوطنية، بل في النزاع على الحصص والامتيازات .
نتمنى على السادة المسؤولين الأفاضل الكبار أن يصارحوننا بأسماء الفاسدين والسراق. ويخبرون الناس، من هم الذين لطشوا أموال الكهرباء، والفائض من الموازنات، وأين ذهبت دولارات الصفقة الروسية، وماذا عن الذين يديرون الآن عشرات المليارات من أموال العراق المسروقة في مشاريع تجارية وصفقات سياسية.؟