رعد العراقي
تبنّت اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية عام 1992 فكرة تأسيس أندية للفتاة العراقية، بواقع نادٍ واحد في كل محافظة، بعد أن لوحِظ وجود انحسار كبير في مشاركة المرأة في الأندية الرياضية، وتراجع النتائج على مستوى المشاركات، وهو ما دعا الى البحث عن وسائل تسهم في تطوير الرياضة النسوية عبر استحداث تلك الأندية التخصّصية.
لم تأخذ الفكرة الكثير من الدراسات أو تدخل في دوامة الاعتراضات والتحجّج بضعف القدرة المالية كما يحصل الآن في الكثير من الأفكار والمشاريع المفترضة وإنما اتجهت الجهات ذات العلاقة الى تأسيس أندية فتاة (النجف وكربلاء والموصل والأنبار) في نفس العام كمرحلة تجريبية تم تعزيزها بإنشاء المكتب الرياضي النسوي التابع الى اللجنة الأولمبية يأخذ على عاتقه التنسيق مع بقية المحافظات لتأسيس أندية للفتاة فيها إضافة الى إقامة بطولات خاصة بالنساء في ألعاب كرة السلة والكرة الطائرة وكرة اليد.
وبعد نجاح الفكرة ارتفع عدد الأندية عام 1996 الى عشرة أندية، واتسعت معها النشاطات المتنوّعة التي باتت تحتاج الى تمويل مالي مستقل دفع باللجنة الأولمبية الى تأسيس الاتحاد العراقي للرياضة النسوية بتاريخ 22 شباط 2000 حيث واصل عمله في زيادة عدد الأندية المتخصّصة حتى وصلت عام 2002 الى ثلاثة عشر نادياً يتنافسون على تسع ألعاب مختلفة، أثمرت عن ظهور مواهب جيدة وإقبال كبير للنساء ممّن يفضّلنَ التواجد بأندية خاصة بالنساء، حسب البحث الموسوم للدكتورة لمياء حسن الديوان.
وقد تكون تلك الوصفة السحرية هي أحد الحلول لانتشال الرياضة النسوية الحالية من واقعها المؤلم بعد التراجع الخطير بمستوى المشاركات الخارجية، والنتائج المتدنّية، ونضوب المواهب وخاصة أن أندية الفتاة عانت الإهمال غير المسبوق سواء من الدعم المالي أم الإداري الذي يعزّز من مكانتها ويطوّر من قدراتها، بل أن أغلب تلك الأندية أغلقت أبوابها باستثناء أندية (نينوى والنجف والبصرة وكركوك) التي استطاعت بامكانيات ضعيفة من إبقاء نبض الحياة فيها بجهود شخصية للمشاركة في بعض البطولات المتاحة لها.
نعتقد أن وزير الشباب والرياضة عدنان درجال لديه إطلاع كامل بما تعانيه الرياضة النسوية، وخاصة أنه طرح مشروع الانقاذ والتصحيح كراعٍ لجميع الألعاب بلا تمييز، وفي نفس الوقت فإن ما تعانيه أندية الفتاة من إهمال وغياب الدعم المالي هي الأخرى دوّنت في مفكرة الملاحظات بعد مقابلته الهيئة الإدارية لنادي فتاة نينوى نيسان الماضي، إضافة الى سيل المناشدات المُطلقة من أندية النجف والبصرة، وعَرْضِها معاناتها من خلال وسائل الإعلام، وافتقارها الى وجود منشآت رياضية خاصة سبّبت عزوف الرياضيات عن مزاولة أغلب الألعاب!
دعوة الى إعادة إحياء مشروع أندية الفتاة من خلال تعاون وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية وخاصة أن الأخيرة لديها توصيات مُلزمة أقِرَّتْ في مؤتمر لوزان بخصوص رياضة المرأة عام 1996 برعاية رئيس اللجنة الأولمبية الدولية في حينه خوان أنطونيو سامارانش توجّهت بمجملها الى مساواة المرأة والرجل بكافة أوجه النشاط الرياضي والإداري والعديد من التوصيات التي من شأنها تطوير الرياضة النسوية، وبالتالي ستكون خطوة تجمع بين وضع أسس لتطوير الرياضة النسوية أولاً، ومواكبة توجهيات اللجنة الأولمبية الدولية وتوصياتها، وكسر كل القيود والمحدّدات التي فرضها المجتمع حول ممارسة الفتاة للألعاب الرياضية من خلال تجربة جعل الهيئات الإدارية لتلك الأندية من الكوادر النسوية فقط، وتفعيل خطوط التعاون بينها وبين الاتحادات الرياضية المختلفة من خلال تكليف شاغلات عضوية اللجنة النسوية في الاتحاد بالمتابعة مع هذا النادي وذاك، والتنسيق للمشاركة في البطولات، واستقطاب الموهوبات أملاً في أن نعود بالرياضة النسوية لمنصّات الانجاز الحقيقي.