علي حسين
عندما قال لي الدكتور فلاح الجواهري نجل شاعر العرب الأكبر أن متحف الجواهري الذي كان قد أعلن عن تأسيسه عام 2012 لا يزال ينتظر عطف الدولة أن تشتري له بعض الأثاث، تصورت ان الامر مجرد مزحة عندما اكد نجل الجواهري أن المتحف الذي يفترض أن يتحول إلى متحف وطني بحاجة إلى "بردات ومناضد وبعض الكراسي".
وأنا أنصت إلى صوت كفاح الجواهري الحزين، قلت مع نفسي لا يقدِّر الكبار سوى الذين يحبون أوطانهم.. ويبدو أننا أصبحنا في أمس الحاجة إلى مسؤولين يحبون أوطانهم، ويقدرون رموزهم. أتذكر أنني كتبت قبل أعوام عن بيت غائب طعمة فرمان الذي تحول إلى مكب للنفايات، في الوقت الذي نفذت فيه مصر مشروع "عاش هنا"، حيث وضعت لافتات رقمية لتوثيق المباني التي سكنها يوسف إدريس وإحسان عبد القدوس وزكي نجيب محمود ومئات غيرهم.. فتجد المواطن المصري يعرف أين يقع منزل الشاعر حافظ إبراهيم، وفي أي زقاق سكن الشاعر أمل دنقل، هذا إلى جانب متاحف بأسماء طه حسين والعقاد وأحمد شوقي ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، ولو سألت عراقيا، أين يقع منزل غائب طعمة فرمان؟ وأين يقع منزل عبد الوهاب البياتي؟ وأين كان يجلس علي الوردي؟، لهز يده بطراً وتصورك مجنوناً.. فهل يعقل أن بلاداً تضم كوكبة من القادة "المؤمنين" تتنازل وتتذكر أدباء وفنانين؟ مثل الجواهري والسياب والأثري وجواد علي ومصطفى جواد الذين لفهم الصمت والنسيان مثلما يراد لراوية سيرة العراق وكفاحه محمد مهدي الجواهري، صاحب المعلقات الشعرية التي قرأ فيها أفراح العراقيين وآلامهم ومسراتهم، أوجاعهم وأحلامهم. أحد عشر عاماً والجواهري ينتظر من المسؤولين أن يتذكروه. ينظر إلى بغداد، التي تستكثر عليه متحفاً، وهو الذي دأب طوال حياته على أن يكون صحيحاً، وأن يقول صحيحاً، وأن يكتب صحيحاً، وأن يجسد صورة مثقف الشعب الذي يدافع عن المبادئ النقية ويظل نقياً يقاتل في معركة الحرية من دون أن يكترث للربح والخسارة.
اليوم متحف الجواهري وهو ينتظر عطف الدولة، فاننا بمواجهة أفعال تشعرنا بالخجل والأسى ، لان البعض يريد ان تشعرنا أنّ قصائد الجواهري كانت رحلة عابرة في حياة العراقيين، فيما صاحب " دجلة الخير ، الذي يراد له ان يغيب،وبدلاً من أن نقيم له متحفاً بحجم سيرته ومواقفه، يكون شاهداً على تاريخ العراق.
الذين يستكثرون على الجواهري متحفا وشارع باسمه ، هل سألوا أنفسهم لماذا يريدون ان يتركوا الجواهري من دون تمثال في كبرى ساحات بغداد، ومتحفاً يحج إليه العراقيون، متحف تريد ذئاب الروتين الحكومي ان تفترسه ، لمجرد ان الدولة لا تملك اموالا تشتري بها مستلزمات بيت اكبر شاعر عربي انجبه العصر الحديث .
جميع التعليقات 2
Anonymous
يكفي المرحوم ابو فرات الجواهري ان رفعه المرحوم طه حسين من انه المتنبي العصر الحديث ومن انه يقف على رأس كافة الشعراء للقرن العشرين .
كاظم مصطفى
وقد وصفه عميد الادب العربي المرحوم طه حسين من ان الجواهري متنبي العصر الحديث وهو على رأس كافة شعراء الرون السابقه