إياد الصالحي
واهم من يعتقد أن محاولة جذب الانتباه لتشكيل كتلة معارضة ضد نهج مؤسّسة ما يُمكن أن يُحقق مُراده في بيانات إنشائية لإقناع متابعيه لعلّهم ينضَمّون إليها فكرياً لزيادة الضغوط المطلوبة في جميع الوسائل الإعلامية منها أو منصّات التواصل الاجتماعي حتى يقال أنه لم يسكت وفي جَعْبَته ما يهزُّ الأرض تحت أقدام مَن انحرف!
كالعادة، قُبيل كل انتخابات لاتحاد كرة القدم، تنبثق كتلة معارضة ترفعُ شعارات الإصلاح ليس لتعديل لوائح أو إضافة مقترحات أو تشخيص سلبيات بائنة بوثائق أو بيانات، بل لتصفية حسابات واضحة مع شخوص بعينهم لم تتطابق رؤاهم معاً، أو تسبّبوا بضررٍ لهم على صعيد العمل أو العلاقات وليس لديهم سبيل سوى جمع بعض رموز اللعبة لإظهار وحدة الموقف وتدعيم منطلقات التعارض باجتماع صوري أكثر ماهو واقعي يستند إلى أجندة مُعلنة ومؤيّدة من أعضاء الهيئة العامة بعددٍ مقبول!
سجّل تاريخ الكرة العراقية ما بعد عام 2003، اندفاعَ بعض نجومها لإعلان أنفسهم مُعارضين لاتحاد أو أولمبية أو وزارة حشّدوا عشرات الرياضيين في توقيتات سيّئة لم تُراعِ الهدف من وراءِ ذلك والمدة التي يستمرّوا خلالها ونتائجها، وهي مسائِل أساسية لمن يسعى لتحقيق هدف شرعي من وراء معارضته، ووثّق الإعلام سقوط جميع كُتل المُعارضة الرياضية كونها لم تُحسِن قياداتها السير بثقة، وعادت نادمة بانتظار فرص أخرى وظروف أفضل.
بعض ممّن يتحيّن الفرصة والظرف اليوم لتنفيذ مُخطّط جمع أكبر عدد من مُعارضي المؤسّسات الرياضية كشف عن نواياه في برامج حوارية منذ مدة ليست طويلة تشكّو من تصرّفات أفراد في تلك المؤسّسات، وهناك من يبحثُ عن دور بطل يُمهّد له رئاسة موقع، ومنهم من أبعِدَ عن مهمّة وأنضمّ للكُتلة كردّة فعل عن الإقصاء، وآخر يمثّل تاريخاً عريقاً للعبة وأكبر من أن يُسمّى معارضاً تمّت دعوته ليُضفي الصدقية العالية على جدية مشروع لم تتكافأ فيه العناصر الداعية للتغيير أو الإصلاح أو الانقاذ، وحّدَتهم خسارة المصالح ولم يربحوا الوقت ولا التبرير، بينما لم تُعارِض سُلطة العمومية المضي بآليات العمل حتى يحين موعد الانتخابات.
يُبالغ البعض في توجّههِ المُعارِض ولم يترك مقابلة تلفازية أو صحفية إلا ويتوعّد المؤسّسة المعنية بتغيير سياستها، وتوسِعة مساحة الحِصار ضدّها، وهو شريك فاعِل في نشاطاتها، ومُساهِم في تنفيذ تلك السياسة، ومُجامل بارز لها في اللقاءات العامّة مع مُمثليها، وحانِق مُشنِّع في مجالس المُخاتَلة!
ثم ليس من المنطق أن يصطفَّ بعض مقدّمي برامج الرياضة بشكل علني لمنح ضيوفهم المُعارِضين الوقت كله من حرية الهجوم ضد مؤسّسة ما، ويتجاهلون المُداخلة معهم للتقاطع معهم في المحاور وسط غياب الطرف الآخر المفترض دعوته في الحلقة التالية تحقيقاً للعدالة أمام الجمهور لبيان الحقائق كاملة ليس بطريقة (رد الكلمة بكلمة) التي أفسدت قيمة بعض الحلقات وأساءَت للسُمعة وقلّلت الاحترام نتيجة لغة الانتقام الدارجة في زقاق اللغو الغَثُّ بعيداً عن استوديو الحدث!
أي مُعارضة لا تأخذ في الحسبان الدفاع عن حقوق شريحة كبيرة من المظلومين، وتطرح مشروعاً يستهدف في فقراته حالات فردية في كيان جمعي فأنها معارضة نفعيّة لا تؤتمَن غاياتها، لاسيما إذا جاهر أبرز مُنظّميها بضرورة العدالة لاستقطاب الكفاءات الوطنية، وهو وغيره منذ عقد ونصف لم يُبرح مقعده، وعندما يُحدد القانون دورته الشرعية ليقف بعدها ويغادر موقعه ويمنح الفرصة لرياضي كُفء يخلفه، يثور رافضاً ويستجع مئة (لا) من أجل (نعم) للتمدّد بلا حدود!