علي حسين
ليست قصة من الخيال، ولم ترو في حكايات ألف ليلة وليلة، إنما هي واقعة حدثت بالفعل، بطلها أقوى وأهم رجل في دولة الخلافة الإسلامية، الإمام علي بن أبي طالب خليفة المسلمين، والطرف الثاني في الحكاية تاجر يهودي،
كان الإمام كعادته يسير في الأسواق من دون حمايات ولا طرق تغلق، فشاهد في يوم من الأيام تاجراً يهودياً يبيع درعاً حربياً، نظر الإمام علي إلى الدرع جيداً، تعرف عليه، هو درعه الذي فقد منه في إحدى المعارك، ولم يجده بعدها أبداً، قال لليهودي: هذا الدرع درعي. رد اليهودي: لا ليس لك، وإذا أردت أن تشتريه فاشتره. لم يأمر المسؤول الأول في الدولة أن تحتل حمايته السوق وتروع الناس، ولم يقرر اغتيال التاجر، أو خطفه وتعذيبه، ولم يصدر امرا بمصادرة اموال التاجر .. فقط كان رده الوحيد: الدرع درعي وأنا لا أكذب.. ومع هذا لم يقتنع التاجر بالجواب، فكان أن طلب من الإمام أن يحتكما إلى القضاء، وفي دار القضاء أمر القاضي شريح خليفته أن يقف إلى جانب خصمه وقال له: ما هي قضيتك ؟ . قال الامام : ان ذا الدرع سقط مني يوما . رد اليهودي: لا، هذا الدرع أنا اشتريته، وأريد أن أبيعه. قال القاضي: يا أمير المؤمنين، أعندك من يشهد لك. قال الامام : نعم، عندي ولدي الحسن . رد القاضي: لا نقبل شهادة الولد لأبيه، هل عندك شاهد آخر؟ قال: لا. قرر القاضي ان الدرع ملك للتاجر اليهودي . انتهت الحكاية وذهب القاضي اللى بيته آمنا ، فيما التاجر لم يصدق ان خصمه خليفة للمسلمين ، وان القاضي يحكم له وليس لصالح الخليفة .
تذكرت تلك القصة وأنا أقرأ وأشاهد ماذا فعل البعض من الساسة واصحاب القاذفات، لأن القضاء أمر باعتقال قائد في الحشد، وبدلاً من أن ينتظروا ما سيقرره القضاء، وهل الرجل متهم أم بريء، خرجوا ليعلنوا أنهم بصدد قطع انف رئيس الوزراء، وبانهم فوق الدولة التي يتقاضون منها رواتب وامتيازات ويتجولون بسياراتها. أعيد قصة إمام العدالة علي (ع) واتحسر لما وصل إليه حالنا، هل يعقل أن مسؤولين وساسة يتحدثون ليل نهار عن القيم الدينية، وأخلاق الحاكم، ورضا الله والعباد، ، لكن يرفض ان ينفذ شيئاً مما يقولونه؟.
مشكلتنا اليوم أن الجميع يرتكب الجرائم باسم الدين والطائفة ، فيما الناس تريد من يوفر لها الأمن والاستقرار، ويطمئنها على مستقبل أبنائها.
حكاية درع الإمام تجعلنا نقف أمام أسئلة لا أحد يريد الإجابة عليها، ولا أحد يريد أن يعترف بأن قيمة المسؤول في احترامه للقانون.
أيها السادة ألم تقرأوا شيئاً عن درع الإمام ؟