علي حسين
على الصفحة الأولى من معظم صحف العالم صورة المواطن الفرنسي وهو يصفع رئيس بلاده إيمانويل ماكرون متهماً إياه بإشاعة سياسة جديدة ، اعتقد صاحب الصفحة أنها ضد فرنسا وكان يصرخ " تسقط الماكرونية " ،
ولانني مواطن جاهل باحوال صفعات المسؤولين ، واعتبر هذا الامر من المحرمات ويفتح على صاحبه ابواب جهنم ، ولا افرق بين الماكرونية والكربولية ، لكني اتذكر مع القارئ العزيز ماذا تفعل حمايات مسؤولينا، وكم يدفع قادتنا من أموال الشعب للمئات من أفراد الحماية التي مهمتها، أن تمنع المواطن من الاقتراب من قلعة المسؤول الحصينة، الفيديو الذي شاهده العالم بأكمله يبين لنا كيف أن رئيس دولة يسير من دون ضجيج ولا عشرات السيارات ترافق موكبه، ستقول مثلي، ما أعظم المسؤول حين يؤمن أنه إنسان عادي في زمن يصر فيه المسؤول والسياسي العراقي على أن لايخرج إلى الشارع إلا والأفواج المدججة بالسلاح تحيطه من كل جانب، خوفاً من نظرات الحسد التي يحملها الناس له.
يرفض مسؤولونا الأشاوس أن يتحولوا إلى بشر عادي من لحم ودم، فالمسؤول في هذه البلاد "خط أحمر" وإذا ما تجرأ مواطن مسكين وقرر أن يفعل شيئاً من هذا القبيل مع حكماء بلاد الرافدين حتما، سيحاكم بتهمة 4 إرهاب وسيخرج الناطق باسم الداخلية ليعلن على الملأ الإنجاز الحكومي بالكشف عن خلية إرهابية تموّلها الإمبريالية العالمية، وسيظهر المواطن ببدلة برتقالية ذليلاً مرتجفاً وهو يعترف بأنه خطط لتفجير المنطقة الخضراء.
في البلدان التي يُصفع فيها رئيس الدولة لا يسمح للمسؤول الأول بأداء القسم أمام البرلمان مالم يقدم كشفاً بأسماء أبرز مستشاريه.. وفي بلادنا لا أحد يدخل على "فخامته" سوى أقاربه، وأصدقائه وأحبائه، الإضافة الوحيدة للديمقراطية هي أن تضع عدداً من أفراد عائلتك على رأس قائمتك الانتخابية، هكذا نرفع شعار دولة القانون.
تعلمنا، من الخراب الذي يحاصرنا منذ سنوات ، أنّ المسؤول والسياسي العراقي ، ما إن يجلس على الكرسي حتى يتراءى له ، انه مصلح اجتماعي ، ولذلك اضحك كلما اسمع مسؤول عراقي يتحدث عن الفضيلة . أسوأ أنواع الخطباء ، من يتصور أن الناس لاتملك ذاكرة ، ولهذا تجده فاقد الاحساس والخجل ، ويفعل ما يشاء ، دون أن يقول له أحد يارجل كان بإمكانك أن تعيد أموال الشعب أولاً ، قبل أن تتحدث عن محاربة الفساد !
انظروا إلى صورة الرئيس الفرنسي وهو يتلقى الصفعة.. وتمعنوا في صورة مسؤولينا، واسألوا أين نحن بعد أعوام من الكلام عن الرفاهية والسيادة والمستقبل المشرق، وحكومات الشراكة، والمحاصصة اللطيفة، وسيادة القانون؟
جميع التعليقات 3
عدي باش
حادثة (صفع) الرئيس الفرنسي المشينة تصرف همجي أخرق ، لأن التقاليد الديمقراطية العريقة في فرنسا تتيح
عدي باش
للجميع إستخدام الوسائل الحضارية لإنتقاد و مناهضة نهج الرئيس أو غيره من المسؤولين بعيدا عن البلطجة
عدي باش
رد فعل الرئيس ماكرون على الفعل الشننيع يؤكد على نبل أخلاقه مهما أختلفنا مع توجهه السياسي