محمد حمدي
نحتفي في الخامس عشر من حزيران من كل عام بذكرى صدور أول صحيفة عراقية صحيفة (زوراء) سنة 1869، ليكون هذا اليوم عيداً للصحافة العراقية بجميع منتسبيها واختلاف مهنهم الصحفية المتنوّعة التي تلاشى منها الهامش الأكبر وتستمر اليوم زاحفة راكضة لتواكب الركب الهائل من التقدّم في فن المعلومة وسياقها وتدويرها عبر المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي،
غير أن هذا اليوم أو عيد الصحافة والكلمة قد أكتسب قوته وديمومته من التاريخ للكلمة والتوثيق وحفر نقشه بحجر الأيام في تراث طويل من الاحداث المترابطة التي كانت صحافتنا المهنية خير من ينقلها أو يتعامل بها ويصوّرها لنا الى اليوم بفوائد مضاعفة تتمثل بمئات الرسائل الجامعية والاطاريح لأكبر الشهادات.
كنت أود الحديث عن تطلّعات وآمال الصحفيين من الاجيال السابقة والأخرى الشابة التي تصل الى مهنة المتاعب تباعاً، ولكن سأوجز متطلباتها وطلباتها وحقوقها من وحي ما أراد وجاهد في سبيله أثنان من كبار الصحفيين الراحلين الذين ودّعونا على حين غرّة وتركوا فينا جرحاً غائراً لن يندّمل بسهولة إن كُتِب لنا أن نشفى منه، برحيل سعدون جواد وحيدر مدلول نكون قد نكّسنا علمين بارزين إتّسما بجميع صفات النُبل والمهنية والاحتراف والشجاعة والإيثار ويكونا قد اختصرا هامشاً عريضاً من الصورة الإنموذج للصحفي العراقي الذي يكتفي أي من الزملاء بذكر اسميهما كإشارة ودلالة على كل ما هو جميل ورائع في صحافتنا التي نفخر بها.
لن أسهب في ذكر قضايا جواد ومدلول المُشرّفة، وسأكتفي بما حلما به من أجل بقية الزملاء وليس لهما فقط ما يخص شمول الصحفيين الرياضيين بمنحة الرواد والأبطال لضمان العيش الكريم لهم وعدم غُبن حقوق أي صحفي أفنى عمره في مهنته المحبّبة ولم يحصل في ختام المطاف على شيء يذكر!
قد يرى البعض أن المناسبة لا تستحق أن نستذكر لهما هكذا موضوع كونهما رحلا الى رحمة الله وجناته، ولكن على العكس تماماً فإن روحيهما الطاهرتين ستسعدان بالتأكيد إن مررنا على خط طلبيهما وطموحيهما وكل الزملاء أيضاً.
ولا أعتقد أن المناسبة التي سنتحدث بها لاحقاً ستكون أفضل من العيد الوطني للصحافة العراقية، ونتشعّب منها الى الصحافة الرياضية تحديداً
وكنا قد دأبنا في جريدة (المدى) على الاحتفاء بهذه الذكرى بإصدارنا أعداداً خاصة نتحدّث فيها عن أعلام الصحافة العراقية وروّادها، واعتقد أن للصحافة الرياضية مكانتها وتاريخها ورموزها التي تستحق أن نستذكرها مع إرثها الكبير الذي خلّفته وأسمى المواقف الانسانية الداعمة الى الأسرة الصحفية عموماً وأراها شخصياً اليوم مجسّدة بالصديق والأخ والزميل الغالي الراحل حيدر مدلول رحمه الله، وعهداً أن أكون له كما أراد وكنت دائماً سنداً في جميع قضاياه وطروحاته الكبيرة التي اختزنها في قلبه ألماً وبيّنها لجمهوره ومتابعيه فناً رائعاً برسم الكلمات التي كان فارسها بامتياز.
ستحتفي الأسرة الصحفية العراقية اليوم الثلاثاء بالذكرى الثانية والخمسين بعد المائة لعيد الصحافة العراقية، وسيرحل جيل آخر من الصحفيين ونستذكرهم أيضاً لتبقى أمنياتهم مُعلّقة الى حين تحقيقها، عندها سندرك أن أرواحهم تطير بأمان وراحة وسط جنان الله ورحمته.