ترجمة/ المدى
ذكر مكتب تنسيق الأمم المتحدة OCHA للشؤون الانسانية في العراق في تقرير جديد له ان فروعه المنتشرة في البلد تعمل على مواصلة اتصالات مع جهات فاعلة محلية ومنظمات شريكة لمتابعة وتقصي بوادر نقص وشحة محتملة بالموارد المائية وتحديد التأثيرات الإنسانية المتوقعة بخصوصها.
وأشار التقرير الى ان وزارة الموارد المائية ذكرت في تصريح لها بتاريخ 9 أيار بان مناسيب مياه نهري دجلة والفرات انخفضت في السنة الماضية بنسبة 50%.
مشيرا الى ان شحة المياه هي مشكلة دورية في العراق ناجمة عن ظروف التغير المناخي وحقيقة ان كلا من نهري دجلة والفرات، فضلا عن أنهر وروافد كبيرة أخرى، يتأثران بعوامل الاستخدام والاستهلاك عند الأماكن التي ينحدران منها وبناء السدود عند منابعهما في بلدان أخرى مجاورة. وفي كثير من المواقع هناك حالة تناقص في الخدمات الأساسية وهناك عدم تكافؤ وتوازن ما بين تجهيز المياه والطلب.
وتناول التقرير تأثيرات شح الموارد المائية على الوضع الإنساني للنازحين والعائدين في ثلاث محافظات وهي كركوك وديالى وصلاح الدين.
في محافظة كركوك، تعاني المنطقة من قلة التجهيزات المائية من ناحية الكمية والنوعية التي يستخدمها السكان هناك. ضعف إدارة الموارد المائية وعدم التنسيق بين الجهات المختلفة يساهم في مفاقمة ازمة المياه في طريقة توزيع حصص المياه المستخدمة ما بين التجمعات السكانية هناك، حيث توجد توترات بين نسبة النمو السكاني وزيادة الطلب على المياه للاستخدامات الزراعية والصناعية.
شحة المياه من مصادرها قد يكون لها تأثير على انتاج محاصيل الحنطة والشعير في المحافظة. وسيكون التأثير الأكبر على الأراضي الزراعية المعتمدة على الري والمتواجدة على امتداد نهر الزاب الصغير في منطقة الدبس ومنطقة الحويجة. المنظمات الإنسانية تراقب وقوع تأثيرات محتملة على الامن الغذائي وظروف الناس المعيشية، ففي منطقة الحويجة هناك العدد الأكبر من النازحين العائدين في محافظة كركوك. تدني الإنتاج الزراعي من شأنه ان يؤثر على كل من الحياة المعيشية للسكان وتوفر الغذاء في السوق.
أما في ديالى، فهي المحافظة الأخرى التي تعاني من مخاطر الجفاف وشحة المياه وذلك لاعتمادها على بحيرة حمرين التي يغذيها نهر ديالى والذي ينبع بدوره من نهر سيروآن في ايران.
انخفضت مناسيب المياه في بحيرة حمرين على نحو كبير عبر السنة الماضية، حيث تقلص السطح الخارجي للبحيرة المغمور بالمياه الى النصف مما اثر ذلك على الري والزراعة والتأثير الآخر على العائدين المحتملين من العوائل النازحة. وفي احدى الجولات الميدانية لمكتب منظمة OCHA للشؤون الإنسانية التي تم تنفيذها في ديالى، فان نازحين عائدين من سكان منطقة السعدية كشفوا عن جفاف في قناة ري نهر ديالى مشيرين الى ان ذلك يشكل احد العوائق الرئيسة التي تحول دون عودة اعداد أخرى من النازحين.
تجمعات سكانية أخرى في قرى مركز خانقين و جلولاء، أشاروا أيضا لحالة جفاف وندرة مياه في قنوات الري والذي يتطلب ذلك ضخ مياه لغرض الاستمرار بالانشطة الزراعية. وزارة الموارد المائية منعت معظم المزارعين في ديالى من زراعة المحاصيل الصيفية وذلك لأسباب تتعلق بتناقص معدلات مناسيب المياه والذي سيؤثر سلبا على مستوى دخل المزارعين وقد يتسبب ذلك أيضا بانعدام الامن الغذائي. وأشار التقرير الى ان المناطق المحتمل تأثرها بشحة المياه والجفاف خلال الأشهر القادمة تشتمل على المناطق التي تشهد عودة للنازحين في شمال المقدادية وجلولاء والسعدية في خانقين وكذلك مناطق جبارة وقرة تبه في كفري، ومنطقتي مندلي وقزانيه في بلدروز.
اما في المحافظة الثالثة، صلاح الدين، فان تضرر البنى التحتية للمنشآت المائية والري يستمر بتشكيل عقبة امام عودة الكثير من العوائل النازحة واندماجهم الجديد في المجتمع. قسم من مناطق المحافظة شهدت معدلات عالية من الصراع والاقتتال خلال المراحل المتلاحقة من المعارك على مدى 20 سنة ولم تجر فيها أي محاولات إعادة اعمار.
محطات معالجة المياه في كثير من المناطق التي تشهد عودة نازحين في المحافظة هي مدمرة وإمكانية الحصول على مياه صالحة للشرب تستمر بكونها مشكلة مزمنة، وان الوضع سيزداد تفاقما وسوءا جراء تدني مستويات مصادر المياه خلال هذا الصيف. تجهيزات الطاقة الكهربائية المتقطعة، من ناحية أخرى، ستعيق العائدين من النازحين وكذلك المجتمعات المضيفة من استخدام مضخات المياه للتخفيف من أي نقص في موارد المياه.
بالإضافة الى ذلك ترد هناك تقارير عن تزايد بحالات نزاع على الأرض في القسم الجنوبي من المحافظة والمتواجدة قرب مصادر المياه مما يؤدي ذلك الى مزيد من حالات عدم الاستقرار. منظمات إنسانية تعمل على مراقبة تأثيرات حالات الجفاف المحتملة على النازحين عن كثب، وخصوصا أولئك النازحين في مناطق ومواقع نزوح غير رسمية.
واستنادا لإحصائيات مركز متابعة حركة النازحين فانه يوجد في محافظة صلاح الدين 82 موقعا غير رسمي للنازحين محليا بواقع 2,572 عائلة. وان أكثر من 1,300 عائلة من هؤلاء النازحين يتواجدون في مدينة سامراء وهي منطقة تعاني أصلا من نقص حاد بمعدلات المياه. ويشير التقرير الى ان النازحين والعائدين في هذه المنطقة يعتمدون بشكل كبير على الآبار للحصول على المياه الصالحة للشرب، ولكن انخفاض معدلات المياه الرسوبية قد يؤثر على تجهيز المياه بهذه الطريقة على نحو كبير. قد يتطلب ذلك نقل مياه بالشاحنات والذي يعتبر أمرا مكلفا وغير مستدام على المدى البعيد.
وضمن فريق المنظمات الإنسانية في البلد، فان الوكالات ذات العلاقة تقوم بمراقبة مؤشرات لحدوث جفاف محتمل في العراق وتقيم الحاجة لمزيد من التدخل. منظمة الفاو للأغذية والزراعة FAO، التابعة للأمم المتحدة، اشارت الى ان انخفاض معدلات هبوط الامطار وتناقص مناسيب المياه من منابع الأنهر قد يكون له تأثير محتمل على الجانب الزراعي وتربية المواشي والتي قد تساهم بانعدام الامن الغذائي، ورغم ان هناك طلبا لإجراء مزيد من البحوث لتحديد مدى تأثير هذا الوضع، فان تقليل قيمة عملة الدينار الذي طبق في كانون الأول 2020 أدى الى ارتفاع بأسعار المواد الغذائية، والذي قد تكون له عواقب سلبية أخرى أيضا. رغم ذلك، فان برنامج الغذاء العالمي، لم يسجل في الوقت الحالي أي حالات زيادة في انعدام الامن الغذائي.
واستنتجت منظمة الغذاء العالمي الفاو ان حدوث حالة جفاف محتملة قد يؤثر على مجاميع سكانية مستهدفة لتلقي مساعدات إنسانية حسب خطة الاستجابة الإنسانية الموضوعة لعام 2021، والذي قد يؤدي الى تفاقم الحاجات الإنسانية. ولأجل قياس مدى تأثير هذه المخاطر فان منظمة الفاو تدعو أعضاء الفرق الإنسانية في البلد والبلدان المانحة والمنظمات الإنسانية الأخرى الى ان يشتركوا بحملة مساعدات للمزارعين للموسم الزراعي القادم 2021 – 2022 بمدهم وفق برامج خطة طوارئ ومن خلال التنسيق مع الحكومة ببذور محاصيل تقاوم الجفاف والتركيز على سلع بديلة وكذلك تأهيل البنى التحتية للري وتوفير دعم فني تقني ومالي للمزارعين لتطوير مهاراتهم وفق المعدات المجهزة لهم.
عن موقع ريليف الاخباري