علي حسين
تنقل لنا الأخبار، بين الحين والآخر، عدداً من البشارات أبرزها وأهمها بالنسبة لهذا الشعب، أنّ الأحزاب التي تقدمت للانتخابات أصبحت 250 حزباً بدلاً من 300 حزب وحزب، وأن هذه الأحزاب طمأنتنا إذا فازت فأنها ستقسم الكعكة العراقية بالتساوي فيما بينها.. في الوقت الذي يعلن فيه "أبو مازن" أحمد الجبوري أن الجماهير لن تنام أو تهدأ قبل أن تراه جالساً تحت قبة البرلمان.
كنت أتمنى أن أكتب عن عيد الصحافة العراقية، والذي ضربت فيه بلاد الرافدين مثلًا لا يتكرر، بدليل أن العديد من الصحفيين اختطفوا وقتلوا، وشردوا من أماكن عملهم، لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية العراقية الجديدة، التي ترفع شعار "لا أرى.. لا أسمع.. لكنني أثرثر".
يشعر السياسي العراقي بحالة من التعالي تجاه الصحافة العراقية، ولا يهمه أبداً أن تذهب الصحافة أو تبقى، ولهذا نجد معظم المسؤولين "الأشاوس"، يفتحون أبوابهم وخزائن ذاكرتهم لصحفي من جريدة عربية أو قناة فضائية أجنبية، لكنهم يستنكفون أن يجلسوا أمام صحفي عراقي، إلّا بشروطهم، التي هي أن يضع المكتب الإعلامي لفخامتهم الأسئلة ويجيب عليها، يضعون بينهم وبين الصحافة العراقية أسواراً من الحديد، الكلّ يدفع من أجل نشر صورهم وهم يقصّون شرائط لمشاريع وهميّة، هؤلاء أنفسهم يستنفرون قوّاتهم، حين يُدلي موظف صغير بتصريح لإحدى الصحف العراقية، حتى أنّ معظم الوزارات أصدرت، "مشكورة"، توجيهات بغلق الأبواب والنوافذ أمام وسائل الإعلام المحليّة، وعلى الصحفي حين يستخدم المعلومات أن يخفي نصفها حتى لا يتعرض إلى مساءلة القانون، أو تخطفه سيارة مضللة تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية. تكفي هذه الأمثلة لكي نسأل: إذا كانت الصحافة حقاً جهاز مراقبة كما أراد لها الدستور، فكيف تمنع من الدخول إلى قبة البرلمان الذي هو ممثل الشعب الذي تعدّ الصحافة جزءاً من سلطته؟!، كيف بإمكان الإعلامي العراقي أن يقدّم المعلومة وهو لا يرى الوزير حتى في الأحلام؟!
لو سألنا اليوم أي مواطن عراقي عن رأيه وهو يسمع أن الصحافة استطاعت أن تزيح مسؤول عراقي من منصبه، وأنها تمكنت من وضع حسين الشهرستاني وأيهم السامرائي والحاج فلاح السوداني خلف القضبان ، وان الدولة استطاعت ان تعيد مئات المليارات دخلت جيوب حيتان السياسة ، فقد يموت قهراً أو ضحكاً، لأن هذه الصحافة صدعت رؤوس القراء بأحاديث ساستنا عن النزاهة والاصلاح ، دون أن يقول لهم أحد لماذا تكذبون ؟
ما ذنب الصحافة إن خرجت مانشيتات صحف اليوم تقول إن قادة الكتل السياسية قررت ان لا مكان للمحاصصة في الحكومة المقبلة .. سيبتسم المواطن ويقول في سره "حجي جرايد".