TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: والدة الوزني و شرع المشهداني

العمود الثامن: والدة الوزني و شرع المشهداني

نشر في: 21 يونيو, 2021: 10:14 م

 علي حسين

كنت أنوي الكتابة عن "روزخون" العراق محمود المشهداني الذي أتحفنا بنظرية سياسية جديدة اسمها "الشرع"، فرئيس مجلس النواب السابق والذي يتقاضى أكثر من ثلاثين مليون دينار عراقي شهرياً لأنه خدم العراق ثلاث سنوات عجاف، يطالبنا بأن نؤيد حركة " عزم " التي يقودها خميس الخنجر،

لأن جميع الذين ينتمون إليها يؤدون الصلاة، ولهذا وحسب نظرية المشهداني فإن الذين أدخلوا هذه البلاد في النفق المظلم هم الذين لا ينتمون لحركة خميس الخنجر "المؤمنة"، ورغم أن محمود المشهداني يثير شهية الكاتب على السخرية، لكنني في الوقت نفسه أيقنت أن متابعة شخصيات مثل المشهداني تزيد من مخاطر الإصابة بالتخلف، ولهذا وجدت الحديث عن صورة أم الشهيد إيهاب الوزاني وهي تقف أمام سيارات فريق الأمم المتحدة، التي أغلقت نوافذها أمام صرخات الأم الثكلى، أجدى من الحديث عن سياسي وصف العراقيين ذات يوم بـ"الدايحين".

يؤسفني أيها السادة أن أقول وأكرر القول إنّ المسؤولية ليست مسؤولية موظفي الأمم المتحدة الذين يعتقدون أن البلاد تعيش أزهى عصور الديمقراطية، إنها بالأساس مسؤولية الدولة التي لا تزال عاجزة ومتفرجة على ظاهرة "السيارات المظللة" و"كواتم الصوت"، مسؤولية الدولة التي صمتت على مقتل مئات الناشطين، فبدا هذا الصمت تشريعاً لثقافة الموت، والتصدي للذين يؤمنون بأن عدو العراق ليس من سرق ثرواته وأشاع الخراب، وإنما هو الناشطين الذين خرجوا للاحتجاج ضد الفساد والمفسدين.

لعل من أغرب ما نمر به في هذه البلاد، أن العالم يعيش عصر الفضائيات المفتوحة وثورة التكنولوجيا، ولا يعرف المواطن من يقتل أبناءه، ولماذا تضع الدلة رأسها في الرمل؟

إن مشهد والدة إيهاب الوزاني وهي تقف تحت شمس حارقة دون أن تتحرك الحكومة المحلية في كربلاء لمساعدتها، يقول إن أشياء كثيرة لم تتغير، وإن هناك من لا يريد أن نمضي نحو مستقبل آمن، والدليل جرائم الاغتيال التي دائماً ما تسجل ضد مجهول، وهي تكرار لجرائم كثيرة ارتكبت وسترتكب في المستقبل وإن اختلفت التفاصيل والوجوه، فالذي حدث أن مواطناً يفقد حياته بمنتهى البساطة لأن أصحاب الدراجات النارية والكواتم يعتقدون أن قانونهم هو وحده الذي يجب أن يطبق على الجميع.

قُتل إيهاب الوزني بدم بارد، واريد لهذا الصوت الذي أصرّ على أن يكون واضحاً وجريئاً ان تخرسه الرصاصات، لكنهم نسوا أن إيهاب الوزني ومعه المئات من الضحايا باقون وسيغيّب جميع القتلة.

إنّ ما جرى مع هذه الأم الثكلى هو جريمة كاملة، وستبقى عاراً يلاحق الذين لا يريدون أن يسمعوا لأنينها، وسيبقى مشهداً يؤرّخ له بأنه اليوم الذي غاب فيه ضمير الساسة، فلم يعد منظر امرأة كبيرة تريد أن تعرف من قتل ابنها، يثير مشاعرهم، مثلما يثيرها لمعان الكرسيّ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram