علاء المفرجي
يبدو أن الصديق الباحث المسرحي عقيل العطية، كان على عجلة في صياغة عنوان كتابه الجديد (صفحات من كتاب المسرح العراقي) الصادر حديثا عن مطبعة العين،
فالعنوان لم يعبر عن مضمون الكتاب وتبويبه. وكان المرور بكتاب المسرح العراقي بمختلف أجياله، جزء منه وليس كل الكتاب.
ولكن رغم ذلك فالكتاب بقدر ماهو رحلة ممتعة في مسيرة المسرح العراقي، قدر ما يحمل نفسا وثائقيا مهما، يضاف الى ما كتبه الراحلين احمد فياض المفرجي، وعلي مزاحم عباس.. فالكتاب تجوال ممتع وذكي في المسرح العراقي، فالمؤلف اعطى لنا معلومات رغم معرفة البعض منها الا انها تؤشر تاريخا فنيا مهما.
فالكتاب يضم مجموعة مختارا مما نشره المؤلف خلال العقود الماضية , وظهر جلّه في الصحف والمجلات وأسماه بــ صفحات من “ كتاب المسرح العراقي “ الذي عنى فيه جميع الفعاليات المسرحية في مختلف تلاوينها وبشقها النظري :
تأليف , نقد , بحث وما الى ذلك , وبشقها العملي : تمثيل , اخراج , ومايتبعها من نشاطات وفنون ساندة ذات صلة تخدمها ( اضاءة , ديكور , مكياج ... الخ ) .
اعتمد المؤلف في كتابه هذا على اشارات تاريخية وإن كانت لاتسرد تاريخا مفصلا للمسرح العراقيمن مثل: المرأة العراقية وفن التأليف المسرحي، و العنوان في المسرحية العراقية، و الرسامون والمسرح، و المسرح العراقي في مئته الاولى،.. وغير ذلك من عنواين ترتبط بتارخ المسرح.
ففي فصل المرأة العراقيــــة وفن التأليف المســــرحي يقول:” لن نتهم بالانحياز وعدم الموضوعية لوقلنا ان فن المسرح هو فن رجالي بامتياز لكثرة مؤلفيه وكتابه في الاقل , فهو مذ عرف ونشأ في أحضان (أثينا) القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد , وحتى يومنا هذا , وهو يضج بأسماء كتاب عظام رفعوا لواءه وارتقوا به الى ابعد مقام, واذا ما استعرضنا أسماء هؤلاء الكتاب ابتداء من الرواد المؤسسين “اسخيلوس, سفوكليس يوربيدس .. الخ” وحتى وقتنا الحاضر لم نجد للمرأة (الكاتبة) وجوداً كبيراً. وحتى لا نتهم بالانحياز غير الموضوعي.. “ ثم يشير الى اسهامات عدد من الكاتبات المسرحيات.
وفي اشارة ذكية يتحدث المؤلف عن اسهامات الرسامين في المسرح العراقي ، إن من حيث مشاركتهم شخصيا في العروض المسرحية، أو من خلال عملهم في السنوغرافيا والتصميم. فيقول: “ وكان التشكيليون (الرسامون خاصة ) من هؤلاء الفنانين الذين قيض لبعضهم الظهور على خشبات ومنصات المسارح ابطالا مسرحيين.
إن غنى وخصب حياة الفنان تعد من الاسباب التي تدعو الى الاحتفاء والاحتفال به , وكتابة سيرته الفنية والحياتية مسرحيا .
واذا كان استلهام سير الفنانين تم في فترة لاتعد طويلة قياسا الى تاريخ المسرح فإن التعاون بين المسرحيين والتشكيليين قد حدث منذ فترة طويلة نسبيا , حيث تسند في الغالب الى احد الرسامين مهمة خلق بيئة تتصارع فيها الشخصيات , وتحتدم فيها العواطف , واحيانا لاتقتصر مهمة الرسام على تصميم الديكور , بل يضاف اليها تصميم الازياء والاكسسوارات (المتممات) , خصوصا في المسرحيات التاريخية (الطرازية) التي تحتاج الى لمسات فنية , يتقنها الرسام بما يمتلكه من موهبة , وابداع , وحس فني.”
وغني عن البيان القول بأن المسرحية التعبيرية , التـي ظهرت في العقود الاولى من القرن العشرين , والتي بلغت قمة نضجها وتأثيرها ابان الحرب العالمية الاولى والسنوات التي تلتها, حيث شاعت وانتشرت في انحاء مختلفة من العالم , تبدو استعارة واستلهاما لمجموعة من الرسامين ممن احتذوا (فان كوخ) و( غوغان) في الرسم , وانتجوا الكثير من الروائع التي تفخر باقتنائها احسن متاحف العالم .
صفحات من كتاب المسرح العراقي يسهم بلاشك في حفظ الكثير من المعلومات عن تاريخ هذا الفن في العراق.. وأرى أنه كان من الأجدر أن يخصص المؤلف تفاصيل اكثر في كل عنوان في الكتاب، وربما سيكون في القادم من مشاريع المؤلف.
