علي حسين
حالة من انعدام الضمير فى التعامل مع السيدة والدة إيهاب الوزني، بلغت حداً غير مسبوق فى تاريخ الاعتداء غير الإنساني وغير المشرف على امرأة عزلاء لا تريد من الدولة قطعة أرض، ولا قرضاً مصرفياً، ولا تطالب بالكهرباء والخدمات، ولا تحلم أن تزاحم " نائمات " البرلمان على كرسي مجلس النواب، مطلبها بسيط وواضح يتلخص في ثلاث كلمات:
" معرفة قاتل ابنها " ، ولا أعرف ماذا كان يضر محافظ كربلاء لو أنه ترك السيدة تمارس حقا كفله لها الدستور ، وأن تقدم نموذجاً متحضراً لامرأة تطالب بإشاعة العدالة ومحاسبة الخارجين على القانون، امرأة تخاف على أبناء محافظتها، ما الذي كان يضر الدولة لو أنها قدمت نفسها للعالم كنموذج لدولة متحضرة ؟.
يجب أن نسجّل للديمقراطية العراقية، انتصارات كثيرة و"مهمة"، فهي أول دولة تمارس السياسة من أجل إذلال المواطن، والسخرية من آدميته، وهي أول دولة تعتقد أنّ هذه البلاد منذورة لمهمة أكبر، وهي الحفاظ على الضباط "الدمج" وسيطرتهم على الشارع ، وإلا ما معنى أن يقوم ضابط برتبة عميد بالإساءة إلى سيدة عراقية، وإصراره على إنهاء اعتصامها، وطردها من خيمتها ؟، فيديو صادم بالصوت والصورة نسمع ونرى من خلاله أفعالاً لا تصدر عن قوات أمنية مهمتها الأولى المحافظة على أمن المواطن وتوفير الحماية له ، وانما عن وحوش يحكمهم قانون الغاب ، في الوقت الذي لم يخرج علينا محافظ كربلاء ببيان عن هذا الفعل المشين، ولعلّ الأقسى من الطريقة البشعة التي عوملت فيها هذه السيدة، أننا من جديد نتجرّع الحقيقة بمذاق العلقم، وهي أنّ المواطن العراقي بلا ثمن.
مؤلم وقاسٍ، هذا الإصرار على السخرية من العراقيين، حين يحاول البعض أن ينسى فضيحة قتل أكثر من 700 متظاهر، وجرح أكثر من عشرة آلاف، ليصر على مصادرة خيمة صغيرة تجلس فيها سيدة فقدت ابنها البكر، والحجة أن هذه الخيمة تضر بمصالح الدولة .
قرار الاعتداء على السيدة أم إيهاب الوزني يؤكد، بما لا يحتمل الشك، أن البعض من أهل السلطة قد عزلوا أنفسهم عن الناس ، يمارسون بمفردهم جنون القرارات والتصريحات والألاعيب، ويطلون على الناس بوجوه صارمة، تريد أن تقول إن كل هذا الشعب متّهم ! .
في ظل نظام اعتقد المواطن المغلوب على أمره مثل جنابي أنه ديمقراطي، وفي ظل مؤسسات يفترض أنها في خدمة الشعب، مازال البعض يعتقد بأنه يحمل تراخيص لإذلال الناس والحط من آدميتهم .
اليوم ونحن نشاهد فيديو الاعتداء على السيدة الكربلائية ، في الوقت الذي يتم فيه إعفاء " أبو مازن " من جرائم النهب وبيع المناصب، فإننا نجد أنفسنا أمام عملية ممنهجة لاستعادة ممارسات التسلط على الناس.