TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: هل نعتذر للذين سرقونا؟

العمود الثامن: هل نعتذر للذين سرقونا؟

نشر في: 27 يونيو, 2021: 10:25 م

 علي حسين

لا تزال سنغافورة على قائمة الدول الأكثر تطوراً اقتصادياً ومعيشيا ، وكانت هذه الجزيرة الصغيرة قبل ما يقارب الستين عاماً مجرد مستنقع للبعوض، في ذلك الوقت وقف "لي كوان" وسط قبّة البرلمان السنغافوري ليعلن أنهم لا يستطيعون تسديد الرواتب لموظفي الدولة، ثم يُخرج ملفًّاً يضمّ تصوره لبناء دولة قوية شعارها "بناء مجتمع عادل وليس مجتمع رعاية اجتماعية"، كان الناتج السنوي أقل من مليار دولار، ويوم ودّع لي كوان الحياة قبل ستة أعوام، كانت الأرقام التي نشرتها الإيكونومست عن مؤشر جودة الحياة .

سيقول البعض يارجل مالك تقلّب بدفاتر الدول "الكافرة"، ولا تريد أن تلاحق المثير وتلقي الضوء على الحاضر في دولة مؤمنة مثل العراق توقف الحال فيها عند عبقرية النائب مثنى السامرائي الذي شاهدناه تحت قبة البرلمان الفرنسي يلقي محاضرة عن فنون النصب وسرقة المال العام والانتهازية، وكيف تتحول من متهم إلى نائب في خمسة ايام . ياسادة، الحاضر في العراق يخبرنا أصحابه أنّ جريمة سرقة المال العام، جريمة غير مخلة بالشرف، ولهذا من حق الذين "لغفوا" أموال العراق، أن يتنافسوا على كراسي البرلمان، بينما يعاقب بالسجن المشدد كل من أساء إلى "الرموز" الوطنية التي اشاعت الخراب منذ 18 عاما وحتى هذه الساعة .

حين تكتب الصحف العالمية عام 1965 أن "هناك تنبّوءاً بأن "سنغافورة لن تبقى على قيد الحياة أكثر من ثلاث سنوات، ولا يوجد في الموقف الحالي ما يوحي بأنها قادرة على البقاء إلى يوم غد"، يردّ لي كوان: "إن البلدان تموت حين تفقد القدرة على توفير الحياة الكريمة لمواطنيها، وبما أننا قررنا أن نعيش أحراراً فلن تختفي سنغافورة من الخارطة"، ويقول لمراسل الواشنطن بوست: "المناضلون الذين تناوبوا على حكم بلداننا تحولوا إلى نهّابين، ولهذا عندما أقسمت اليمين طلبت من جميع أعضاء الحكومة أن يرتدوا قمصان بيضاً وبناطيل بيضاء لنرمز إلى الأمانة."

كلّ العالم ينظر اليوم إلى العراق ويضرب كفًّا بكفّ، ويشعر بالأسى على بلدٍ كان يراد له أن يلتحق بقطار العصر، فارتدّ بهمّة خطب عامر الكفيشي وبلافتات سليم الجبوري الجديدة، إلى الوراء، إلى مجرد دولة تضحك على المواطنين بوعود أطلقتها الحكومات منذ 2003 وحتى لحظة كتابة هذه السطور عن مشاريع الإسكان والتنمية والصحة والتعليم والكهرباء التي لا نزال نتوسل إيران حتى لا تقطعها عنا، كل يوم تُسرق أموال البلد، لكن البرلمان مشغول بنكتة عدم اكتمال النصاب، لأن راحت النواب أهم من نسبة الفقر التي يعيش فيها أكثر من نصف الشعب.. في كل مرة تطلب الدولة من الفقراء والمعدمين وحدهم أن يتحملوا أكثر مما يتحملون، وأن يشدوا الأحزمة، لكن ماذا عن الطبقة السياسية التي أكلت الأخضر واليابس؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram