محمد حمدي
نواجه الكثير من الاسئلة المحرجة المتشعّبة حول مصير مدرب منتخبنا الوطني ستريشكو كاتانيتش، هل سيكتب له الاستمرار مع كتيبة الأسود؟ أم سيكون مصيره مصير غيره من المدربين المحليين والأجانب الذين لم يقرّ لهم قرار في الاستمرار؟
شخصياً أرى أن مهمّة المدرب انتهت رسمياً حتى وإن سمح له الاستمرار في المهمة لفترة قصيرة، وفترة الاتهامات والتباكي على المدرب ستكون قصيرة هي الأخرى، ولكل من المساندين والمعارضين حججهم المقبولة بطبيعة الحال، ولكن هذه هي طبيعة الإدارة الرياضية لدينا في اتحاد الكرة مهما كانت مسمياته، وهذه هي لغة التاريخ الذي يعيد نفسه باستمرار مع المدرب المحلي والأجنبي معاً الظروف المتداخلة وقوّة هذا الطرف أم ذاك هي سيدة الموقف مهما حصل وحاول البعض التدخل.
يعلم جمهور الكرة الواسع لدينا جميع الظروف التي ألمَّتْ بالمنتخب ومشاركته الصعبة أحياناً في التصفيات المزدوجة لكأس العالم وكأس آسيا ولم يعد غريباً عليه أي تبرير مستنسخ كما هو حال البطولات السابقة، فوسائل الإعلام تنقل كل شاردة وواردة عنه من ظرف الإعداد بمباراة تجريبية واحدة غير مُجدية مع منتخب ضعيف أو مباراتين لا يفيان بالغرض الى غياب نجوم الكرة المحترفين مروراً بالضائقة المالية وتعثّر إجراء معسكرات داخلية وخارجية ناهيك عن حالة التخبّط الرياضي المؤسّساتي بصورة عامة وضعف الإدارات وعشوائية عملها وهي صفة مرابطة أزلية لجميع مشاركاتنا منذ أمد بعيد وما تبقّى فقط هو أعذار عن صعوبة الأجواء والرطوبة وأرض الملعب والتجهيزات الرياضية التي لا تناسب الأجواء كما يدّعي أحّد المدربين المشهورين بالظهور الإعلامي المُبالغ فيه!
أزاء هذه الأجواء، وبوجود كاتانيتش وغيره، نعرف نتائج المعادلة وما سيحصل بعدها، وندرك ونتوقع أية نتيجة سلبية مهما كان حجمها، وليس من سبب بأن يذكّرنا أحدهم بالصبر والانتظار قبل أن نستلّ سكاكيننا ونمزّق بها من نريد أن نجعله سبب الهزيمة أمام المنتخب الإيراني وضُعف الظهور حد الإعياء للمشاهد قبل اللاعب، رسائل كثيرة ونصائح مستنسخة تقدّم لنا مع هذا الطرف أو ذاك المحلي أم الأجنبي وكأنك أيها الناصح الحكيم الوحيد ومن قلبه على منتخب بلاده أما الآخر فهو ذلك الهامشي البعيد الذي ينظر الى ألوان المنتخب من ثُقب الباب، وينتظر صراخ الاحتفاء بالهدف الأول، لا للمرة الألف فإن النتائج ستكون اعتيادية إذا كسب المنتخب أو خسر، فحالة الضَعف شُخِّصَت حتى مع الفوز على كمبوديا وهونغ كونغ!
نعي جيّداً أنّ من يريد التأهل الى مونديال 2022 عليه أن يجتهد في التحضير والعدّة لسفره في ركب المشاركة ويستحضر جميع أدوات القوّة وموجوداتها لديه لا أن يبدأ بتصفّح سجل الأعذار مبكّراً ويتنبّأ بأيّها الأقرب للتصديق، فالتصفيات البسيطة أوصلتنا الى لقاء الفرق الأصعب وإن الاستمرار بالتقدّم وتجاوز فرق بمستوى اليابان وكوريا والسعودية واستراليا لا يمكن أن يحصل بما شاهدناه، وعلى الجميع التكاتف بقوّة لرأب الصدع والعمل كفريق واحد مع كاتانيتش أو غيره لتجاوز حالة الضعف التي نمرّ بها، التحضير للانجاز يولد من رحم لإدارات رياضية واعية متميّزة تعالج الخطأ ولا تستمرّ على منواله السابق، تستوعب الدروس ولا تركنها على الرفوف، وتجيد فقط لغة التصريحات المتضادة المعكوسة بين شخوصها.
لقد اكتسبت جماهيرنا خبرة عظيمة في فهم وتحليل الأخطاء الإدارية قبل الفنية، وأدركت معنى الخبرة والاستعداد وهي تشاهد تطوّر المنتخبات الهائل التي ستتجاوزنا حتى البائسة منها في المستقبل القريب إن بقينا على هذه الشاكِلة من الإدارات غير المحترفة!