إياد الصالحي
لعلها أسوأ أزمنة الكرة العراقية المارّة تحت سياط التشكيك والتخوين والتشتيم في وقت تستعد لاختبار القوّة والمهابة أمام أصدقاء آسيا لاستعادة حُلم ثمانيني آخر ظل يُدغدغ المشاعر ويوخز القلوب لتوالي خيبات الأمل في مشوار التحدّي لبلوغ المونديال.
منتخب أسود الرافدين يتيه في بلده بحثاً عن مخرج آمن يعيد السّكينة اليه! أهي مُزحة ثقيلة أم مُناداة واقعية لصوت نحيب يستنجد بأهله عسى أن يعيدوا قيمته التي حطّ منها البعض لأجل أرضاء قناعاتهم بعدم صلاح المدرب الأجنبي في مرافقته، وذاك يُندّد بكل من يلوّح باسم مدرب وطني سبق أن أخفق في المهمّة ذاتها، وينبري مؤيد لتشيكل طاقم ثلاثي بدعم خبير استشاري ممّن أفلح في التأهيل الى مكسيكو 86، ويعود انتهازي ليُلقي حجارته على بيت اللعبة لإثارة مزيدٍ من المشاكل غير آبه لمصير الأسود!
بين كل هذه الاطراف التي غدت فلاسفة زمانها، يظلّ وزير الرياضة يُراقب المشهد من بعيد أو قريب لا فرق عنده، فساعة الإبهار بقراره لم تحن بعد كما يظنّ طالما أن توزيع أدوار التطبيل لمفاجآته جارٍ بهمسٍ وحسٍّ على وقع السَبَق! بينما ينعقدُ لسان أهل القرار الفني أمام (هُص) المسؤول من دون احترام للتخصّص والتوصية والشجاعة التي يفترض أنها تعلن البراءة فوراً من هكذا انتظار يفتقد لأبسط احاسيس المواطنة تجاه منتخب وطن مركون في زوايا الأهمال!
كيف لهيئة تطبيعية مندوبة من أعلى مؤسّسة تُعنى بكرة القدم، أن تُعلّق مصير منتخب على شماعة قرار وزير لديه واجبات أساسية بصلاحيات تحكمها مسؤوليات محدّدة ليس بالضرورة أن تبيح له تعليق مهمّة مدرب أجنبي الى أمد غير معلوم! فالتطبيعية سجّلت أضعف موقف في أشهر انتدابها الأربعة عشر، ولم يكن رئيسها ونائبه بمستوى الثقة التي أسهمنا في تعزيزها مُنذ بيان الفيفا بتسميتهما مع ثلاثة من أعضاء الهيئة نيسان عام 2020، دعماً لمصلحة اللعبة التي عانت غياب القيادة بعد استقالة الاتحاد السابق، والثقة ذاتها تزعزعت اليوم بعدما أكدت الأيام التالية من إنتهاء رحلة تصفيات آسيا للمرحلة الثانية عدم مبادرتهما بإقامة جلسة حوارية مع مدرب المنتخب وتقييم عمله والاستفسار عن اسباب غموض رؤيته تجاه بعض المغتربين، ولماذا تنازل الأسود عن قمّة المجموعة لصالح إيران في مواجهة قلقة تختلف تشكيلاً وأسلوباً عن بقية اللقاءات؟!
إنّ تفرّد كاتانيتش بقراره الفني المُحترف لا يعني أحقيته في سلب رأينا الوطني للدفاع عن مصلحتنا وحقّنا في معرفة ما جرى، كيف ولماذا ظهر اللاعبون وهم يتبادلون الكرات بريبة وكأنهم غُرباء ولا تربطهم مع المدرب صلة الاستجابة لتعليماته إن كانت هناك ما تشفع له أداء دوره كاملاً ولا يُعتد بشهادة مساعديه اللذين قضيا واجبهما كل تلك الأشهر بمنتهى الطاعة له دون مُراعاة ما يتوجّب عليهما مُصارحة التطبيعية والإعلام والجمهور بمدى صواب فكر المدرب ومدى تأثير انفعاله وعجرفته أثناء تواجده في المنطقة الفنية على مشورتهما المُستمدّة من معرفتهما بسلوك اللاعب وقيمة عطائه والمركز الملائم لقدراته!
لا عودة لكاتانيتش، ولا ثقة بالمحلي، ولا تجديد للمساعدين، ولا جدوى من بقاء بعض اللاعبين، ولا فائدة من تصريحات الفنيين، ولا صوت يعارض مُهلة الوزير، ولا وقت للتحضير، ولا صحّة لمعجزة تهزم كوريا الجنوبية وإيران خلال خمسة أيام، ولا دوري يستحق تتبع أدواره وسط غليان تموز وخُبث الجائحة وقرب فشل أحد طُلاّب زعامته بالأمس (إن لم ينجح بذراعه) فماذا تنتظرون؟
ننصحكم بلا تهكُّم .. أكتبوا الى فيفا "التطبيعية لا تقود ومنتخب الأسود في عِداد المفقود"!