طالب عبد العزيز
يعتبر ارتفاع عدد السكان واحداً من المشاكل التي تعيق البرنامج الحكومي. إذ يشير تقرير وزارة التخطيط الى أنَّ عدد العراقيين قد يصل الى 80 مليوناً بعد 25 عاماً، وتبلغ نسبة النمو السكاني خلال السنوات الأربع الماضية 2.6% من المجموع الذي تجاوزالـ 40 مليون نسمة.
وهذه زيادة غير محسومة النتائج، وتنذر بخطر كبير على كل الاصعدة، ولا حلول لها إلا باعتماد برنامج حكومي صارم، يوافق ويناسب الموازنة العامة، والديون ومشاريع المستقبل عدد السكان، الذي يفترض أن يكون مناسباً.
تتحدث الحكومة عن فشلها في تأمين الكهرباء للعراقيين- نقول هذه بعيداً عن الهدر والفساد في مشاريعها- مع انَّ الانتاج منها يفوق ما كان في عهد النظام السابق، بل وهناك زيادة سنوية جراء نصب الكثير من محطات التوليد، لكنَّ الزيادة تصطدم بعقبة الزيادة المضطردة في عدد السكان، والبيوت المشيدة حديثاً، والتي لا منظم لها، ولا توجد احصائية رسمية تدرس الحاجة على وفق الانتاج. فضلاً عن عدم قدرتها على استيفاء مبالغ الاستهلاك من ساكنيها.وبمعنى آخر فان الحكومة ستظل عاجزة عن تأمين حاجة مواطنيها من الكهرباء الى يوم يبعثون، ما لم تعتمد برنامجاً يحدُّ وبفاعلية من الزيادة في السكان.
ولمعالجة قضية من النوع هذا سيصطدم البرنامج الحكومي- إن وجد- بعقبتين رئيسيتين( النظام الاجتماعي والمنطوق الديني) وكلتاهما تدعوان الى الزيادة بعدد الولادات، فنظام الاسرة قائم على أساس(حزام الظهر) والاب بحاجة الى (لمّة زلم) يفاخر بهم، أو يستدعيهم في (طلابة) والعشيرة تهاب بعدد بنادقها، والنظام الديني قائم على منطوق الحديث الشريف( .... إني مباهل أو مفاخر بكم الامم) وكأن المسلمين لم يتجاوز عديدهم الميليار. وهذه القضية تحل بالوعي، والاستقرار السياسي والامني، وفرض سلطة القانون. إذ من غير المعقول أننا نضيف الى عدد (العتّاكة) عتاكة جددا، ولا الى سوّاق الستوتات سائقين آخرين، والى المتسولين في الشارع متسولين بحجج جديدة.
في بلاد تعتمد اقتصاداً ريعياً، انهارت منظومتها الاقتصادية، فهي بلا مصانع، وتعتمد سوقها على استيراد كل شيء، وتبلغ ديونها الخارجية أرقاماً خيالية .. لا بدَّ من وقفة تدبر ومعاينة، وهذه لا تتم إلا بحكومة قوية ومخلصة، صادقة، وتتمتع بقدر من القبول، تضع السكان أمام حقيقة ما يجري، وتعلمهم بأنَّ البلاد لا قدرة لها على احتواء الزيادة هذه، وتشرع ببرنامج جاد، يبسط الامن ويتجه للتعليم، وهنا جوهر القضية. المواطن البسيط يستجيب الى تقنين عدد افراد اسرته إذا وجد نفسه محمياً بالقانون، وسيكف رجل الدين عن دعوته بـ (المباهلة والمفاخرة) إذا لم يجد مصغياً لندائه. ولا أقرب لنا من مثالٍ سوى ما تعمل عليه حكومة إيران الاسلامية، حيث تم تحديد الانجاب بواحد أو اثنين حسب، ضمن ثقافة مجتمعية وبرنامج حكومي.
الزيادة في السكان تعني مئات الآلاف من البشر والمركبات والوحدات السكنية والكليومترات من شبكة المجاري واسلاك نقل الطاقة والمدارس والاسواق ووو . ثم، ماذا يعني أنَّ عدد العراقيين أكثر من 40 مليون بينهم أكثر من 5 مليون أمّي؟ أين المفاخرة في ذلك؟