علي حسين
من حذاء عالية نصيف "الذهبي" إلى الزي الرسمي لمحافظ صلاح الدين.. كنت ولم أزل أتصور أن ما يجري في هذه البلاد نوع من أنواع الكوميديا السوداء،غير أنه بات من الواضح أن منطق "السذاجة " لا يزال يسيطر على حياتنا .
فالسيد محافظ صلاح الدين عمار الجبوري، قرر "مشكوراً" أن "يهندم" الموظفين، ويفرض عليهم الزي الرسمي، مثلما قرر برلماننا العتيد أن يمنع الصحفي الذي لا يرتدي ربطة عنق وبدلة رسمية تشبه بدلة محمد الحلبوسي من دخول البرلمان، ومعها طبعا ساعة رولكس" وإلا فانه ممنوع من دخول جنة البرلمان.. لماذا ياسادة؟.. يأتيك الجواب جاهزاً: لأن قادة أوروبا يقفون بالصف للقاء السيد محافظ صلاح الدين، ولأن مجلس النواب يعيش عرساً عربياً وعالمياً. وهذه المكانة العالمية المرموقة وصل إليها العراق نتيجة حاصل جمع 328 نائباً لا يريدوننا أن نغادر عصر المحاصصة السياسية، وكما تعرف جنابك فإن وراء هذا الإنجاز الكبير منظومة متكاملة تحارب على أكثر من جبهة لكي تضع العراق في قاع سلّة بؤساء العالم.
أعرف أن البعض من الأعزاء سيقول: يا رجل ألا تفرح أن بغداد ستستعيد ألقها؟، وأن محافظ صلاح الدين يقدم منجزاً كبيراً، بعد أن استطاع الحفاظ على أبراج الكهرباء التي تم اصطيادها بالعبوات وقذائف الكاتيوشا في محافظته، في الوقت الذي كان يوقع فيه قرار الزي الرسمي للموظفين؟.. أعذروني أيها السادة فـ"جنابي" سيرقص فرحاً لو أن محافظ صلاح الدين عمل على بناء مجمعات سكنية، ومستشفى ومدارس، ويعمل على إبعاد محافظته من قائمة أسوأ المدن في مجال الخدمات، التي تحتل مراكزها الأولى العاصمة بغداد بفضل "مسؤولي الصدفة".
تُعرِّف الأمم المتحضرة ، البرلمان بأنه المكان الذي يجتمع عليه كل المواطنين، في هذا البلد أو ذاك، ليجعل حياة الجميع أفضل، من خلال إحداث نوعٍ من النهوض المتكامل، يستهدف الارتقاء بحياة المواطن العادي، وإنعاش حظوظه في العيش بكرامة، في ظل ساسة يحترمون حقوقه الأساسية في الحرية والعدل والعمل.. لكن للأسف ما نتابعه في جلسات مجلسنا الموقر يؤكد أن بنية النظام السياسي في العراق لا تريد أن تغادر حالة الصفقات التي يتحول فيها البعض من إنسان مغمور ومفلس إلى صاحب مشروع استثماري يدر الملايين من الدولارات .
يا سيدي رئيس البرلمان المحترم، ومعك محافظ صلاح الدين الهمام أرجو من معاليكم أن تترك الناس في حالهم، وإذا كان مفهوم الازدهار لدى جنابكم الكريم يتمثل في بدلة رسمية، فالله المستعان، لا نريده، المواطن يريد أن يعرف من يقف وراء " كاتيوشا " الكهرباء ، وهل دخلنا مرحلة الصراع الكهربائي من اجل حصد المزيد من كراسي البرلمان المقبل ؟ .