اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: 56

العمود الثامن: 56

نشر في: 6 يوليو, 2021: 11:43 م

 علي حسين

عرف العراق منذ سنوات مصطلح "56" الذي يرتبط بالمادة 456 من قانون العقوبات العراقي، الصادر عام 1969 ويُنظم العقوبات الخاصة بالجرائم المتعلقة بالاحتيال والنصب والنهب والرشاوى والفساد..

ولا تزال الناس تشير للمحتال بأنه "56"، لكن هذا لرقم تحول في الأسابيع الأخيرة إلى علامة شؤم يتطير منها السادة النواب، الذين أجبروا مفوضية الانتخابات على إلغاء الرقم 56 من تسلسل المُرشحين للانتخابات البرلمانية القادمة.. بالتأكيد نحن أمام خبر مضحك ومسل ولذيذ، حيث يصر البعض على التستر برداء النزاهة والاستقامة ، فيما هو يخوض كل يوم معركته في سبيل الحصول على الامتيازات والصفقات التي حولته بين ليلة وضحاها إلى صاحب ثروة خيالية.

بمنتهى الوضوح والكبرياء، يقول لك السادة المرشحون إنهم يتعرضون لمؤامرة، والمؤامرة فى نظرهم ، هي كل من لا يصدق أنهم منذ 18 عاماً يساهمون في بناء العراق ويدفعون به نحو المستقبل ، ولهذا هم متشائمون من الرقم "56" لانه يشجع المواطن على أن يسأل عن العقود والعمولات والابتزاز. في هذه البلاد فقط يخرج نائب ليطالب بإعفاء مزوري الشهادات، فبعض السادة النواب يريدون أن تحذف كلمة محتال ومزور من قاموس السياسة العراقية.

في الطريق إلى العصر العراقي الجديد، نتأمّل حال العراقي اليوم ونجد أننا نعيش عصراً فائض الخراب، مع الاعتذار للمرحوم كارل ماركس ومصطلحه الشهير "فائض القيمة" .

الديمقراطية العراقية ممتعة وظريفة، خصوصاً حين يخوض سدنتها نقاشاً بيزنطينيّاً حول مَن المسؤول عن هذا الخراب؟ في الأشهر الماضية عشنا مع مهرجان الخطب "الرنانة" وشاهدنا الوجوه التي ساهمت في ضياع مستقبل العراق تجلس لتقدم نصائح للعراقيين .

من دولة الفساد إلى دولة المزورين والمرتشين وسراق المال العام، يمضي العراق يوما بعد آخر من خلال عملية سطو لمقدراته جرت في وضح النهار، لعلنا نسيء كثيراً إلى مفهوم الدولة المتخلفة حين نصف به الذي جرى ويجري منذ أعوام والذي يمكن أن نسميه وبوضوح سرقة بالإكراه لإرادة الناس وخياراتهم في مجتمع آمن مزدهر ومستقر ينعم بالرفاهية، إلا أن الأحداث تثبت بالدليل القاطع أن هناك سياسيين قرروا ان لايغادروا الرقم " 56 " وإعلان أنفسهم المالكين الوحيدين لهذا البلد ومن يعترض فليس أمامه سوى البحث عن تأشيرة خروج من الوطن، أليست هذه هي الديمقراطية التي كنتم تبحثون عنها؟.. هكذا يخبرنا اصحاب الرقم المشؤم " 56 " .

يكتب المرحوم أفلاطون أن أكثر الرغبات وقاحةً هي رغبة السلطة، ويضيف، لكن رغبة المال تتفوق عليها . عندما يتقدم مواطن لطلب وظيفة بسيطة مثل أحواله، سيُطلب منه أن يملأ استمارة عن خبرته ومؤهلاته، وسيرته، لكننا في اختيار نوابنا، لانسأل عن الكفاءة والنزاهة وإنما يطربنا الصوت العالي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. KhalidMuften

    سيصل الرقم ٥٦ مختوم في جبين الفاسدين بالرغم من وجودهم الزائف.

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: نائب ونائم !!

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

 علي حسين درس العلامة جواد علي أخبار وأحداث ابن الأثير وحفظها واطّلع على معظم ما كتب عنها وكل ذلك في إعجاب شديد وحب صادق، وكان جواد علي ابن الكاظمية يعرف أن الموصلي "...
علي حسين

بيانات جديدة عن حالة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: ثلاثة بلدان في المنطقة تعاني من المجاعة بينها العراق

د. فالح الحمـراني أظهرت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة معدلات عالية بارتفاع نسب المجاعة وسوء التغذية، فضلا عن أعراض مثيرة للقلق للغاية تتعلق بزيادة نسبة السكان الذين يعانون من السمنة. ويرجع هذا الاتجاه...
د. فالح الحمراني

نظرة في الميدان السياسي العراقي.. إلى أين يفضي؟

عصام الياسري أسفرت انتخابات مجالس المحافظات العراقية في ديسمبر كانون الأول 2023، عن مكاسب كبيرة للأحزاب الطائفية الماسكة منذ العام 2003 بالسلطة. وبضعة انتصارات طفيفة فقط للقوائم المناهضة للمؤسسة ولم تفز الأحزاب السياسية المعارضة...
عصام الياسري

التعديل والأهلية.. جدل الفقه الجعفري مع قانون الأحوال الشخصية في العراق

علي المدن مرة أخرى تفشل مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق بعد أن سبقتها محاولة أولى عام 2017 تقدم بها النائب حامد الخضري. وكما أعلنت تحفظي في المرة الأولى، وكتبت مقالين نشرتها في...
علي المدن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram