TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: زوما عراقي

العمود الثامن: زوما عراقي

نشر في: 11 يوليو, 2021: 11:40 م

 علي حسين

انشغلت صحف العالم خلال اليومين الماضيين بخبر تسليم رئيس جنوب إفريقيا السابق جاكوب زوما إلى الشرطة لتنفيذ عقوبة بالسجن 15 شهراً بتهمة تحقير القضاء، ونقلت لنا الأخبار أن زوما البالغ 79 عاماً، وصل السجن، برغم رفض بعض الجهات السياسية ذلك لكونه بطل سابق في النضال من أجل تحرير جنوب إفريقيا..

فيما اعتبر البعض خطوة زوما بأنها لحظة تاريخية ينتصر فيها القانون، تهمة زوما أنه لم يحضر إلى المحكمة للإدلاء بشهادته، فاعتبر الأمر مساساً بالقضاء، وهي تهمة مضحكة في بلاد الرافدين التي كان فيها حمورابي أباً للقانون، فماذا تعني تهمة استغلال النفوذ ونحن نرى ونسمع عن الاستغلال في كل مفاصل الدولة، وأن "حيتان" ما بعد 2003 لم يتركوا مجالاً دون أن يستغلوا نفوذهم فيه، هم وأقاربهم وأحبابهم؟

منذ أن قررت النائبة عالية نصيف استخدام الأحذية بدلاً من الكلمات في مخاطبة زملائها داخل جلسات البرلمان، ونوابنا الأفاضل السابقون منهم واللاحقون، مصرون على تحويل قاعة البرلمان إلى سوق تعرض به أصناف الشتائم وكان آخرها المشهد الكوميدي لنواب يتقافزون فوق مكاتبهم وهم يصرخون "نموت.. نموت.. ويحيى الكرسي".

هكذا تحولت الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب ومعارك شيطانية لتكتب في النهاية شهادة وفاة للعراق الجديد وتخرجه من التاريخ المتحضر لتضعه في قاع الهمجية والتخلف والعصبية القبلية، عروض ملت منها الناس، لأنها تحولت شيئاً فشيئاً من مباراة في السياسة إلى مقاطع كوميدية رخيصة في صالات عرض من الدرجة الثالثة، ليتحول مجلس النواب الذي أراد له العراقيون أن يكون مكاناً يجتمع فيه ذوو الكفاءات والخبرات والطاقات الخلاقة إلى سوق مناكفة وعرض سيئ للعضلات وفجاجة في العمل السياسي، مما أدى إلى غياب القضايا التي تهم الناس ليحل محلها صراع من أجل الاستحواذ على ما تبقى من امتيازات، مضحكات ديمقراطية أضرت وتضر بالحرية والعمل البرلماني، وسياسة تحولت من خطاب طائفي مقيت إلى مرحلة الشتائم واللكمات والركلات.

والآن، هل جنابك مُصرّ على معرفة الفرق بين ديمقراطيتنا "العظيمة" وديمقراطية جنوب إفريقيا؟.. هل تريد أن تعرف الفرق بين زوما وساستنا الأشاوس؟ فاسمح لي أن أورد لك ما كتبته بعض الصحف الفرنسية وهي تعلق على قرار التوقيف: "إنها لحظة نادرة وغير مسبوقة في تاريخ جنوب إفريقيا".

إحفظ هذه العبارة الأخيرة رجاءً.. لحظة نادرة.. فأنت وأنا نعيش في ظل عملية ديمقراطية سمحت لمن نهب وسرق وقتل أن يظل صاحب الصوت الأعلى والنفوذ الأقوى!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram