رعد العراقي
ليست دُعابة عندما نقول أن كل ما تبقى على الاستحقاق الأهم للكرة العراقية سوى 34 يوماً فقط قبل أن نواجه الشمشون الكوري على أرضه وبين جماهيره في أولى مباريات المجموعة الأولى المؤهّلة الى نهائيات كأس العالم قطر 2022 في وقت أن رصيد استعدادنا لهذا الحدث هو صفر!
لا مدرب ، ولا منهاج إعدادي ولا رؤية فنية ولا دافع معنوي يستنهض عوامل الثقة بالنفس سواء للجماهير أو حتى لاعبي المنتخب الوطني ممّن كانوا يمثلون خيار كاتانيتش المُقال سرّاً والمستقيل في العلن..!
أي إلتفاف على المنطق والعقل تحاول أن تسوّقه وزارة الشباب والرياضة بالتضامن والتعاون مع الهيئة التطبيعية عندما يُرهن مصير تأهل طال انتظاره 35 عاماً بالاعتماد على ضربات الحظ عسى أن تنجح نظرية العلاج السحري المفترض تحت تأثير مُخدِّر التعاقد مع المدرب العالمي الموعود ليخرجوا هم في النهاية من عُنق الزجاجة منتصرين بلا مسؤولية سواء فشلت المهمّة أم حدثت المُعجزة المنتظرة وتأهل المنتخب الى بطولة قطر!
كان من المفترض أن يوجّه حديثنا نحو الهيئة التطبيعية كجهة اختصاص، لكن صمتها بالرد عن كل الاقاويل والاتهامات التي أكدت وجود تأثير للوزير عدنان في قرار تسمية المدرب القادم وهو أيضاً ما بدى جلياً في المؤتمر المشترك الذي عقد في الأسبوع الماضي سيضطرّنا الى توجيه الخطاب للوزير بصفته الوظيفية ونقول بكل صراحة:
الى متى ستبقى إجراءاتنا مقيّدة وفقاً لاجتهادات شخصية تفتقد التخطيط والدراسة والقرار الجمعي؟ وما دور اللجنة الفنية وتقييمها سواء للمدرب السابق أو ما تتطلّبه المرحلة القادمة من استعداد واختيار للقيادة الفنية المناسبة؟ ولماذا نحاول أن نصوّر مسؤوليتنا وواجبنا برغم اجراءتنا الخاطئة وكأنها إنجاز فردي أقرب الى الإعجاز؟!
ألم يكن حديث الوزير وتقييمه لشخصية كاتانيتش ورفضه أي تدخّل في عمله دليلاً على أن هناك نيّة وعزم بإقالته من دون التطرّق الى مسألتين تشكّلان قصوراً إدارياً في عمل الهيئة التطبيعية، الأولى عدم الايفاء بالالتزام المادي للمدرب، والثانية الفشل في تسوية أي خلاف مع إدارات الأندية وعدم سحب تلك الخلافات نحو معسكر المنتخب، وبالتالي فإن انسحاب كاتانيتش لم يكن مفاجئاً بل منتظراً ومبيّتاً، وعليه كان من المفترض أن يكون لدى الوزارة خياراً بديلاً جاهزاً وسيولة مادية تحت اليد وتقريراً فنياً من اللجنة الفنية تحدّد جميع المتطلّبات والخيارات المطروحة قبل أي إجراء يستهدف الكادر الفني، خاصة أن المساحة الزمنية في وقتها كانت متاحة ومناسبة لإيجاد البديل والمضي نحو الشروع بإعداد مناسب يليق بسمعة أسود الرافدين لكن ما حدث يثير الاستغراب والحيرة!
ما زاد من توتر المشهد حول مصير منتخبنا في التصفيات الحاسمة هو توجيه الأنظار نحو خيار المدرب الأجنبي وجعلها قضية رأي عام تشغل الجماهير، وكأن مسألة التأهل ترتبط باسم وتاريخ ذلك المدرب في حين أن احترام الوقت بالتهيؤ بات شكلياً وتهيئة الأجواء والظروف غابت عن أذهان المعنيين حتى أن الوزارة والهيئة التطبيعية تباطأتا في التحرّك بقوّة نحو الاتحاد الدولي لإلغاء قرار نقل مباريات المنتخب خارج البلد بعد زوال كل مبرّرات اصدار هذا القرار وضمان حق الاستضافة على ملاعبنا سواء في أربيل أم كربلاء كخيار بديل إن رفض الاتحاد الدولي استضافتها في البصرة تحت أي ذريعة.
باختصار .. بحساب الوقت والظرف ومبرّرات ما طُرح حول ما آل اليه مصير المنتخب، فإن المسؤولية للخروج من المأزق باتت تطوّق الوزارة والهيئة التطبيعية وفوضى ما يجري تشكّل نكبة إدارية لا تُغتفر حتى وإن أثمرت النهايات عن التعاقد مع خيرة المدربين العالميين! فالعملية برمّتها لا تتعدى حسابات المراهنة على عامل الحظ، وأخطاء المنافسين، وغيرة اللاعبين إن أردنا التأهّل الى كأس العالم لأنه ما تبقى من زمن لا يُجهّز منتخباً شرساً منافساً ولا يسمح لأذكى المدربين من تطبيق أفكاره وهو بالواقع لا يمتلك فرصة اختيار اللاعبين!